نصر الدين السويلمي
عندما تطالعنا الصور القادمة من بعض المدن السورية والتي تسخر من جنازة الشيخ حسن نصر الله، حينها ومع تفهم المشاعر التي دفعت لذلك، نوقن أن الوقت قد حان لتتحرك القيادة السورية الجديدة بشكل فاعل، وتعمل بذكاء على نزع هذا الفتيل، فلا الدماء التي سفكها حزب الله ستعود ولا الأشلاء التي مزقتها حرابه الطائفية في “دير بعلبة / المالكية / داريا / تل شغيب / رسم النفل / النبك / المزرعة..” سترتاح في مثواها الأخير حين تنشب الكراهية أكثر.

على أحمد الشرع أن يدرك أن العدو الذي يتربص من مزارع شبعا هو نفسه العدو الذي يتربص من الجولان، لذلك على هذه الثورة السورية العظيمة التي نجحت رغم أنف الطائفية المسلحة والشموليات المتكلسة، أن ترتقي إلى مستوى مستقبل الصراع مع الكيان المحتل، الصراع الذي يحتاج على التحشيد من خارج الأمة العربية والإسلامية، فما بالك بالداخل العربي الإسلامي. ولا شك أن القيادة التي استطاعت أن تتجاوز بسرعة مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، قادرة على طي صفحة المجازر المذهبية لصالح التعايش الحتمي بين كل مكونات الأمة الإسلامية.
وهـــا همسة في ادن الثورة السورية: إن الفرح باغتيال نصرالله على يد أعداء الله، وإن كان يشفي الغليل الوقتي غير انه يترك غابة من الندوب والثقوب التي قد لا تلتئم بفعل الزمن، قد نتفهم لو كان نصر الله قتل بالسلاح السوري في مرحلة استباحة الحزب لسوريا وثورتها، إذا لقلنا أن ذلك نتيجة منطقية لخيار التخندق المذهبي والتصدي الإجرامي لفعاليات الثورة السورية، لكن لما قُتل الرجل على يد العدو الأول للأمة فلا شرف في الشماتة ولا مروءة.
اليوم جنازة واحد من أكثر خصوم الكيان ربما في تاريخه المعاصر، قائد حرب تموز النقية، ومن ينكر ذلك فقد سيطرت عليه الكراهية وهيمنت عليه تلك المشاعر السطحية التي تعتبر كل الخصم وكل العدو بمثابة الشيطان الرجيم، بينما تربع هو على عرش الملائكة الكرام.. اليوم كذلك يتم تشييع واحد من أكبر المنكلين بالثورة السورية، الرجل الذي ضحى بأحلام وأشواق الشعوب العربية وحاربها بإعلامه ونخبه، من أجل الحفاظ على عذرية طريق المال والسلاح “طهران/دمشق/الضاحية البيروتية”.. اليوم يتم تشييع حسن نصر الله الزعيم الطائفي الذي وقف برجاله وعتاده مع سفاح الشام الذي شرد وقتل شعب الشام، اليوم يتم تشييع القائد الشجاع حسن نصر الله الذي وقف مع غزة واغتاله الكيان على شرط إسناده التاريخي لمداولات طوفان الأقصى.
نحن أمام جنازة، بإحالتين، واحدة تحيل على البطولات وأخرى تحيل على الفظاعات، لذلك يصعب كبت مشاعر من استحضر المجازر الجماعية والتهجير والتنكيل، كما يصعب كبت مشاعر من تعاطف حد التشيّع في يوم التشييع.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.