كمال الشارني
شرفني أستاذنا، صديقي المحامي المناضل العياشي الهمامي عن الهيئة الوطنية للدفاع عن الحرية والديمقراطية، بتقديم مداخلة اخترت له عنوانا: “الأنموذج الاقتصادي للمؤسسة الإعلامية في تونس” لاعتقادي أنه روح المشكل.
![المؤسسة الإعلامية في تونس](https://i0.wp.com/tadwinet.net/wp-content/uploads/2025/02/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B3%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3.jpg?resize=533%2C400&ssl=1)
قامت هذه المؤسسة تاريخيا على معادلة فاسدة، غير اقتصادية وغير أخلاقية، فقط على “رخصة” احتكارية لجريدة يعطيها الحاكم لشخص مثل رخصة شراب أو لواج أو قمرق دخان أو حتى مقهى ومعها تسهيلات قروض وإشهار عمومي وحتى خاص بتعليمات من النظام، يعني احتكار مقابل “مدحه بمقابل وشتم خصومه مجانا”، أما أفكار الصحافة والأجناس الصحفية والمسؤولية الاجتماعية والسياسية للإعلام، فابحث عنها عند الأجانب، ومن لم يدخل في هذا الأنموذج الاقتصادي في الإعلام يعترض للخنق: قطع ورق طباعة الصحف، منع التوزيع وحتى جمع نسخ الجريدة من الأكشاك القليلة التي يسمح له بعرضها، أول الإذاعات والتلافز الخاصة في تونس زمن بن علي كانت احتكار مكافآت لأعوان نظام بن علي في شراكة مع الطرابلسية.
بعد الثورة “تحرر الجميع” بما فيهم اللصوص والزنوس وهم الأكثر عددا ومالا فأطلقوا أموال الفساد في مؤسسات الإعلام الخاصة مقابل تردد وجهل رأس المال الوطني وعجز كثير من الصحفيين في تدبير عيشهم، عندك الفلوس تعمل جريدة أو إذاعة أو حتى تلفزة يتكلف فيها البلاتوه بخمسين ألف دينار في الحصة لمهاجمة خصومك وتشويههم، ممارسة الضغط والابتزاز على كبار موظفي الدولة ورجال الأعمال لجلب المال أو الإفلات من المحاسبة وخصوصا تشويه القضاة ونشر الأخبار الزائفة عن القضايا العدلية، رأيتم بأعينكم ممثلي نقابات الأمن يقيمون في وسائل الإعلام أكثر من النواب المنتخبين أو ممثلي الدولة في ظل إفلات عام كارثي من المحاسبة.
حتى اليوم، بالحد الأدنى من القانون، لو توجه إلى هذه القنوات، متفقد الشغل لتنفيذ قانون الشغل والإطلاع على أوضاع العمال وحقوقهم أو متفقد الضرائب لكي يرى من أين تأتي هذه الحوانيت بالمال وأين تنفقه لتم إغلاق الكثير منها لكي ينفتح الفضاء على الهواء النقي في الوطن.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.