عن كلمة نكاح.. تبّا مرّة أخرى

فتحي الشوك

عن كلمة نكاح في عنوان رسالة ماجستير لطالب في جامعة الزيتونة!

تبّا مستوحاة من القرآن الكريم وتبّا مستعارة من الأستاذ الحاج مسعود، وتبّا أصيلة من نفسي وتبّا مواء من قطّي، من خُصي وهو صغير وحرم متعة وطئ القطط العابرة، وتبّا لكلّ هؤلاء المخصيّين المستلبين أدعياء التّمدين والتحضّر والتّنوير!

في بلد الصّفوف والطّوابير ورحلات البحث اليومي عن السكّر والزّيت والطّحين وقوارير غاز الطّهي، وبين تناوب لانقطاع ماء وكهرباء، وانتشار لفقر وبطالة وغلاء وارتفاع فظيع لمعدّلات الجريمة والانتحار وانهيار لصحّة وتعليم ونقل وحالة من الانسداد التّام والعجز والفشل والتخشّب، يخرج من يتحدّث عن جريمة كبرى في حقّ التقدّم والتّنوير ومدنيّة الدّولة وخطورة خلط السّياسة والعلم بالدّين!

في بلد سلطة الفرد الواحد والرّأي الواحد، لم تنتعش فيه سوى السّجون، وفيها تقبع سيّدة مناضلة أفنت عمرها في الدّفاع عن حقوق الإنسان والمظلومين وهي تخوض معركة الأمعاء الخاوية منذ أيّام، وفيها شيخ جاوز الثمانين وفيها أخريات وآخرون بعضهم لا يعلم لأيّ سبب هو مسجون، وفي بلد يستجدي القروض لأجل صرفها في مجاري الصّرف الصحّي، وفي بلد العبث والتّفاهة والرّداءة والجنون، تجد من تثيره كلمة نكاح ويستفزّه عنوان رسالة ماجستير لطالب في جامعة الزيتونة!

مع أنّنا وفق توصيفهم للكلمة جميعنا منكوحين!

من المؤكّد أنّ هؤلاء السّدنة وحرّاس معبد الحداثة المزعومة من المستشرقيين المخصيّين ودعاة التّنوير والتّمدين، أحفاد جول فيري وجنود النيوكوليونالية المخلصين، لم يقرؤوا رسالة الماجستير المثيرة للجدل ولم يناقشوها وربّما لم يحضروا مناقشتها فهم يخوضون فقط كعادتهم في العناوين!

أحكام، نكاح، فقه، جامعة الزيتونة، كلمات مفاتيح ترفع لديهم منسوب الأدرينالين وتستثير خلاياهم لقذف الهيستامين وربّما هرمونات أخرى كالتستسترون مع ما تحمله كلمة نكاح من إيحاء جنسي وإثارة حسب عقلهم “النقدي”، ويبدو كذلك أنّهم لا يستحضرون من “تنويرهم” المعلّب المستورد سوى القشور والشّعارات المفرغة من المضمون.

لا فائدة تذكر في التّذكير بمعاني الكلمات فهواة التّنميط والتّعليب والتّزييف لا تهمّهم المعاني وهم يمارسون هوايتهم المفضّلة في التّسطيح والتّهويش والتّرهيب والوصاية الفكرية والنّظرة الدّونية لمجتمع يعتبرونه قاصرا يحتاج الى تنويرهم وتمدينهم وتوجيههم.

فلا غرابة وهم المنبتّون المزروعون المنتشرون كتفريخات سرطانية في الجسم أن لا تستفزّهم جرائم الإبادة في غزّة أو الاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان في أوطانهم فيستنفرون لأجل رسالة ماجستير لم ينتشر خبرها سوى بإصدار بيانهم.

تبّا مرّة أخرى.

د. محمّد فتحي الشوك

Exit mobile version