كمال الشارني
الغاز الطبيعي يختلف عن “غاز الدبوزة”، الأول غاز كما خلقه الله في الطبيعة، يتم ضخه في الأنابيب حتى المطبخ، الثاني أصله غاز يجب الإنفاق عليه ليصبح سائلا (GPL) ووضعه في القوارير، المهم: عندنا مشكلتان في “بر تونس”.
الأولى أن إنتاجنا أقل من 40 بالمئة من استهلاكنا، هذا اسمه العجز الطاقي، نعوضه بتوريد الغاز الطبيعي من الجزائر إلى مصانع الستاغ لإنتاج الكهرباء ثم للبيوت والمصانع والغاز المسال من حقل نوارة وغيره في الجنوب في معمل غنوش لتسييل الغاز وتوريد الباقي سائلا وضخه في مصانع ملء القوارير،
إذن أين المشكل؟ في أننا حتى اليوم لم نفكر في إنشاء مراكز تخزين الغاز السائل حيث الحد الأدنى للأمن الغازي العادي هو ثلاثة أشهر من الاستهلاك، لكن ما يتم تسييله في غنوش أو توريده سائلا لا يكاد يكفي لإشباع شبكة التوزيع لاستهلاك البلاد لعشرة أيام لأن “الطايح مرفوع”، يعني عند أقل مشكل طقس أو اضطراب إداري أو نقص تخطيط فنحن في كارثة اجتماعية، لأننا بلا مخزون لمعالجة انخرام التوازن بين العرض والطلب.
الندرة تخلق الاحتكار واللهفة والخوف من عدم تأمين البضاعة والإفراط في الطلب، هذا مظهر المشكل، لكن ما سببه الأصلي؟
أولا: نقص الفلوس، حين تكون عندك فلوس جاهزة كاش، يتزاحم العالم حول موانئك لكي يبيعوا لك ويقاومون العواصف على مسؤوليتهم ليصلوا إليك، ثم كان يمكن التعويل على الغاز الجزائري المعلب على الأقل لتخفيف الطلب على المناطق الحدودية لولا مشكل الفلوس، لأن الأشقاء الجزائريين لا يلعبون في خصوص فلوس الغاز.
ثانيا: وهو الأهم: الاستقرار الحكومي وانتداب الوزراء على الملفات الحرجة مثل إنشاء مراكز تخزين الغاز المسال لمواجهة الوضعيات المفاجئة مثل ما نحن فيه الآن لتفادي عودة الناس إلى العصر الحطبي والفحمي، ومنع تكون ثقافة اقتصاد الحرب والاحتكارات التي جعلت توزيع قوارير الغاز يتم بحضور السلط المسلحة لمراقبة صفوف كثيرا ما تنتهي بالعنف والفوضى حيث تباع قارورة الغاز بأربعة أضعاف ثمنها الحقيقي، واضحة حكاية الغاز.
حسنا، بالنسبة لمن يعتقدون أن تونس تعوم فوق بحيرة نفط أو غاز، فهذا يشبه من يعتقد أن الأرض مسطحة، يحيط بها البحر من كل جانب، وأنك سوف تتطيح في الفراغ الكوني حين تصل إلى نهايتها.