لا راية بيضاء رفعت
فوزي بشرى
لا راية بيضاء رفعت عشرات الآلاف من الشهداء، عشرات الآلاف من الجرحى. ولا راية بيضاء رفعت؟
لكم أوغل رئيس الوزراء الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين في قطاع غزة، لكي يرى رايات الإستسلام البيض تزحم أفق غزة مدنا ومخيمات، لكم خاض في دم رجالهم وأطفالهم ونسائهم، منتظرا خبرا يبشره، يقول إن أهل غزة قد قرروا الاستسلام، ووضعوا أسلحتهم، ما أطول منتظر نتنياهو وليس من خبر غير توابيت ضباط وجنود جيشه، وضغط الشارع
عليه وقد رأى أن نتنياهو أبعد ما يكون عن النصر، وأن الرهائن أدنى ما يكونون إلى الموت.
خمسة عشر شهرا من المجازر اليومية، من الجوع ومن الحصار ومن فرجة الأباعد والأقارب، ولا راية بيضاء رفعت.
كان نتنياهو يخوض الحرب وهو سجين مقولاته بتدمير حماس والقضاء عليها، وأن الحرب لن تتوقف حتى تحرير كل الرهائن. لم يحرر الرهائن بالحرب وقد بلغت أقصى ما يمكن أن تبلغه حرب من قسوة، ومن قتل، ومن كل انتهاك للقانون الدولي الإنساني.
تقول محكمة العدل الدولية إن أفعال إسرائيل العدوانية ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية تقول واشنطن كلا، ليس هناك من إبادة جماعية تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات إعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه. فتكون المحكمة لا إسرائيل موضوعا للتوبيخ والمؤاخذة.
وتمضي الحرب في وتيرتها قتلا وتدميرا وهدما للمستشفيات ليلحق الجريح بالقتيل وليستحكم الموت في كل مكان من القطاع ولا راية بيضاء رفعت.
اذا، فليستمر القتل، فليقتل الجميع، قادة ومواطنين. إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ستمنح نتنياهو من الوقت أكثر مما يحتاج لتحقيق وعوده في غزة. قال له بايدن منذ اليوم الأول لست وحدك في هذه الحرب وأكد له أن المرء لا يحتاج لأن يكون يهوديا ليكون صهيونيا، ليس ذلك فحسب، بل تبنت إدارة بايدن السردية الإسرائيلية لما حصل في هجوم 7 من أكتوبر من العام الماضي من تقطيع لأعناق أطفال الإسرائيليين لم يكن هناك من يهتم للتحقق من صحة المزاعم الإسرائيلية فشعار الحرب المتفق عليه أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ولها أن تفعل من أجل ذلك ما تشاء.
قام كثير من الرؤساء، ورؤساء الحكومات الأوروبية خفافا إلى إسرائيل، مؤكدين حقها في الدفاع عن نفسها، بدا العالم الغربي الرسمي في غالبه، غير مهتم بالمأساة الفلسطينية وإن عبرت الشعوب في كثير من العواصم الغربية عن استنكار واستبشاع للجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
في جحيم الحرب هذه كانت تقوم مساع لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة كانت قطر هي المحطة التي تبدأ منها أو تنتهي عندها جولات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وكان نتنياهو يختلق الذرائع المعطلة كلما أوشكت هذه المساعي أن تفلح، فنتنياهو سجين وعده بالنصر المستحيل في غزة.
لكن لا، راية بيضاء رفعت
إنها قصة البقرة الصفراء في تجلياتها عبر التاريخ كان على الوسيط القطري أن يتحمل التكتيكات التأجيل. وكان أكثرها فداحة إغتيال إسرائيل رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.
إحتجت قطر لأن الطرف الإسرائيلي لم يرع قيم التفاوض ولا أخلاقياته فكيف تغتال رئيس حركة أنت تفاوضها، كان نتنياهو يفعل كل شيء لمواصلة الحرب لأنه معتقل داخل مقولة النصر وتدمير حماس والقضاء عليها.
كان مقاتلو حماس ومن ورائهم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يقاتلون بقليل من السلاح، وبكثير من الإيمان، وكانوا يعرفون أين ينتهي قتلاهم وأين ينتهي قتلى عدوهم من في وسعه أن يخوض حربا كالتي خاضوا دون إيمان بأنه يقاتل من أجل قضية نبيلة هي حريته وكرامته.
ستنتهي الحرب، ولا راية بيضاء رفعت. سيخرج نتنياهو من سجن مقولاته عن النصر الحاسم بلا نصر، وسيواجه ما ظل يتحاشاه من ملاحقة القضاء له، وسيكون مصيره مرتبطا بما جرى في غزة، وفشله فيها رغم التدمير.
سينهض الفلسطينيون من رمادهم أقوياء، وفي الطريق سترتفع صور الشهداء تضيئ عتمة الطريق إلى الحرية، يقول المقاومون ومؤازروهم، وستبقى التجربة النضالية الفلسطينية معلما في التاريخ الإنساني، كتضحية شعوب قدمت الـ 1,000,000 من الشهداء لنيل حريتهم ولكسر الموجات الاستعمارية انكسر الموجات ولم ينكسروا اليوم تنكسر الهجمة الإسرائيلية ولم تنكسر غزة فليس ثمة من راية بيضاء رفعت.