وصايا الى الأجيال القادمة
أحمد الغيلوفي
أيها الناس
سبقتكم أجيال جاهلة وفاشلة، ادعت أنها ستوحد العرب وتُحرر فلسطين، فلم تفعل غير مزيد تقسيم العرب ومزيد تمدد “إسرائيل” في الأرض العربية، لم تكن هذه الأجيال، كل من موقعه وكل حسب جهده، غير أدوات بيد الأنظمة و”إسرائيل”.
أيها الناس، توالت الهزائم وسقطت العواصم وتكاثرت السجون وانتشر التعذيب والفقر، وتراكمت النقمة والحقد، وكتب كل ذي علم بانه ستقع ثورات تعم المنطقة كردة فعل على الفشل والهزائم، ونظرا لتتالي الأجيال وافتقاد الأنظمة لأية شرعية. حدثت هذه الثورات بداية من 2011، فناصبها العداء كل “الثوار” وكل “الأحرار” وتحالفوا مع الأنظمة التي ادعت أنها وطنية تريد تحرير فلسطين لذلك تتعرض لمؤامرة من قوى رجعية. تحالف القومي التقدمي واليساري الوطني الديمقراطي مع أنظمة النفط ومع الجيوش المطبعة ضد الثورات وسموها “ربيعا عبريا” ورفعوا جميعا شعار التحرير وفلسطين.
أيها الناس، لان التاريخ اصبح متسارعا فلم يعد يعط فرصة للأكاذيب لتعمَر طويلا: بعد سنوات حدث “طوفان الأقصى” وتحولت غزة الي كربلاء: خنقها “خير أجناد الأرض” وقطع عنها الماء والغذاء والهواء، بينما تحولت الموانئ المصرية الى شريان حياة بالنسبة الى “إسرائيل”. سنة ونصف وجثث الفلسطينيين تنهشها الكلاب دون أن تقوم “الدولة الوطنية” العربية باي شيء، تلك الدويلة التي ادعت أن الثورات كانت مؤامرة عبرية ضدها أصبحت تطالب سرا بسحق الفلسطينيين، وتمد العدو بالذخيرة والمواد الغذائية وتضغط على جنوب إفريقيا قد تسحب دعواها ضد “إسرائيل”.
أيها الناس، لا يمكن أن لا يفجر ما تراكم من حقد لدى الشباب الذي يرى الإبادة الآن ثورة أخرى على هذه الأنظمة، فان حدثت فاني أوصيكم بما يلي:
لا ترحموهم أبدا أبدا، ولا تتوقفوا ولا تهدئوا حتى تتأكدوا من انهم لن يكونوا قادرين على التآمر عليكم لاحقا. سينتشر حرق المنازل والكنائس والأضرحة، ويقع الاعتداء على الأقليات فاعلموا أن ذلك كله من تدبيرهم حتى يُرهبوكم فلا تتوقفوا أبدا.
سيتعلقون بأستار الكعبة من جديد ويرفعون شعارات فلسطين والمقاومة ويتهمونكم بالخيانة والمؤامرة وخدمة الأعداء، فاعلموا: ليس هناك أعداء غيرهم، وطريق فلسطين يمر أولا عبر التخلص منهم، وليس هناك من يتأمر غيرهم، واذا نشر في السنوات القادمة مسؤولون غربيون مذكراتهم عن طوفان الأقصى فاحرصوا على ترجمتها وقراءتها فستجدون خياناتهم. سينتشر الإرهاب من جديد وتحدث اغتيالات فاعلموا أن ذلك من صنيعهم لإخافتكم، فلا ترحموهم أبدا.
ستظهر من جديد حركات سلفية جهادية فاعلموا أنها من تنظيم أجهزتهم وقياداتها هي قيادات أمنية، وتذكروا أنها لم تظهر ولم تجاهد طيلة عام ونصف حين كان الفلسطيني تأكله الكلاب.
أيها الناس، ستجدون كل شيء موثقا في الوسائط الاجتماعية وستعلمون من وقف ضد الثورات وضد تحرير إرادة الناس خلال ثورات 2011، ستعلمون من ساند الثورات المضادة ومن ساند الانقلابات فقوموا بما فاتنا وعجزنا على القيام به، ولا تصدقوهم أبدا اذا مارسوا “التكويع”، انهم اكذب خلق الله، سيرفعون مصاحف الحرية والديمقراطية وحقوق الأقليات والحيوانات والتناصف والمساواة في الإرث، ثم يُطالبونكم بحل كل المشاكل التي تراكمت لقرون في يوم واحد ثم يتهمونكم بالفشل ويعملون على حدوث انقلابات ويطالبون بـ “البطل” المنقذ/المستبد/ القائد/الوطني، ثم يقولون ماذا نفعل بالديمقراطية؟
أيها الناس، لابد أن تؤدي مذبحة الفلسطيني الي ثورات، عاجلا أم أجلا، فاقرؤوا جيدا ما حصل لنا، حتى تُعفوا أنفسكم من أخطائنا وخطايانا وغباءنا وتسامحنا وغفلتنا. ليس هناك أنصاف ثورات، وعليكم قبر النظام القديم نهائيا حتى تستطيعوا بعدها تحرير الإنسان وتأسيس الحرية والديمقراطية، وحينها فقط تستطيعون مواجهة العدو الصهيوني والانتصار عليه.
أيتها الأجيال القادمة: اذا جاءكم كلب لم يمت بعد واصبح يوسوس في صدوركم بان هذا تقدمي والأخر رجعي وهذا وطني والأخر خائن فالطموه واعلموا أن التحديات كبيرة والأعداء كثيرون وانه لن يستطيع فصيل واحد منكم أن يقوم بشيء منفردا، وان التحرر والبناء معركة الجميع وانه لابد لكم من كتلة تاريخية توظف جميع القوى في معركة البناء والنهوض. إن الصراع والإحتراب هو اسرع الوصفات للفشل ولن يخدم غير الأنظمة والصهيونية.