أحمد الغيلوفي
هناك امر لا تُخطئه العين: ما ستكون عليه المنطقة في حال هزيمة المقاومة، ونوع الخطاب الذي سيشكل أدمغة وأمزجة الناس. من يرى ويسمع القنوات السعودية والإماراتية يستنتج ذلك بسهولة. من شاهد الشاحنات تنطلق من الإمارات لتعبر السعودية والأردن لتصل الي العدو يعرف ذلك. من استمع الي بن سلمان في حواره مع بليكن “فلسطين ليست قضيتي” يفهم ما قاله أمين عام جامعة الدول العربية من أيام “هناك دول مشكلتها فلان وليس فلان” : الدول الخليجية مشكلتها ايران وليس “إسرائيل” و”مصر دفعت ثمنا باهضا خلال الحروب وهذا على حساب التنمية” : مشكلتنا الآن هي اكل العيش.
اذا هُزمت المقاومة سيكون هناك تحولا تاريخيا: ستكون “إسرائيل” حارسة المنطقة وقائدة الازدهار وقطب التجارة، وسيدخل العرب في شراكة إستراتيجية معها قد تصل الي الدفاع المشترك ضد ايران. مصر مشكلتها الآن أثيوبيا وشح المياه والفقر وستجد نفسها في هذا الحلف. سيكون الخطاب هو الجوار والتعايش والتعاون والتحالف، وسيكون أي عمل نضالي إرهاب وجنون وإضرار بالمصالح الوطنية ومؤامرة إخوانية. سيكون أي عمل خيانة وعمالة لإيران ونشر للتّشيع. تبيع السعودية هذه الأفكار تحت غطاء رفع راية السنة والدفاع عن الصحابة وسوف توظف شيوخ الوهابة من أل الشيخ والصحافيين المأجورين وشيوخ المال في مصر من اجل إيجاد تخريج فقهي للتطبيع من قبيل “وان جنحوا للسلم فاجنح لها” التي كان السادات قد استعملها، بالطبع بعد أن تخدعهم أمريكا و”اسرائيل” بإمكانية حل الدولتين، وبعد أن يطبعوا ستماطلهم عقودا الي أن تبتلع كل الأراضي الفلسطينية. الذين يذهبون الآن في موجة مناهضة الشيعة وايران يعملون بحسن نية في هذا المشروع. سيتفطنون بعد أن تكون كل الفؤوس قد أصابت كل الرؤوس. تركيا سكتت نهائيا.
علينا أن نقاوم هذا المشروع منذ الآن: العمل على نشر الوعي بضرورة التخلص من الأنظمة الحالية وتدمير الدويلات الغير وطنية وبناء دول وطنية، ضرورة التمسك بمطلب الديمقراطية الذي يضع القرار في يد الشعوب ويجعل السياسة ترجمة لإرادتها لا رهنا لرغبة الحاكم في البقاء على حساب مصالح الأمة. اعتبار ايران وتركيا حليفان تلتقي معهما الشعوب في محاربة العدو المشترك: الحكام و”اسرائيل” وأمريكا. بلا حلفاء ستنتصر الأنظمة وستشكل وعي جديد بواسطة التعليم والإعلام والخطاب الديني تعينها في ذلك ألة إعلامية وديبلوماسية غربية قوية. هناك فرز سيقع حتى داخل الناس العاديين: مع الحلف الصهيوني أم مع حلف المقاومة. اختر مكانك.
أما اذا انتصرت المقاومة فذلك حديث أخر.