“رأينا الله في غزة”

سامي براهم 

هي العبارة التي تتردّد على ألسنة معتنقي الإسلام الجدد في دول الغرب متأثرين بما يحدث في غزة عقب طوفان الأقصى… ويقصدون برؤية الله ما رأوه من أثر إيمان الغزاويين بربهم على ردود فعلهم تجاه القصف والموت والدّمار… كانوا يفترضون ويتوقّعون بمقتضى المنطق الغريزي وما تحتفظ به ذاكرتهم من أفلام الكوارث والحروب أنّ يكون الفزع واليأس والعدميّة واستشعار عبثيّة الوجود مسيطرين على المشاعر وردود الفعل حيال الجحيم الذي فتح على غزة وأهلها…

في غزّة

لكن ما رأوه كان مخالفا لانتظاراتهم وصادما لتوقّعاتهم… فرغم مشاعر الألم والحزن التي بدت على الوجوه كانت مظاهر الثّقة والاطمئنان والرّضى والصّبر والافتخار غالبة على ردود أفعال الغزّاويّين التي خالطتها مظاهر الصّمود الاحتفالي… وكانت العبارات المتواترة للغزاويين أنّ الله اصطفى شهداءهم وأكرمهم بفضيلة أهل الرّباط في الأرض التي باركها الله…

كلّ هذه الإشراقات الرّوحيّة والفيوضات الوجدانيّة لافتة للمشاهد الغربي الذي تقلّصت علاقته بالدّين والمقدّس والمتعالي في سياق علمانيّ محكوم بثقافة السّوق والتّنافس على الاستهلاك… السّؤال الذي انطبع في ذهن العديد من الغربيين وأفضى بهم لاعتناق الإسلام:

من هو هذا الإلاه الذي يمنح كلّ هذا الصّبر والثّقة والاطمئنان والقوّة للمؤمنين به رغم كلّ ما لحقهم من دمار وفناء وموت؟

كان ذلك السّؤال دافعا للكثير منهم للبحث والاطلاع على الإسلام وتعاليمه سواء من خلال كتابه المؤسّس “القرآن الكريم” وسيرة نبيّه الأكرم عليه الصّلاة والسّلام… أو من خلال أدبيّاته وتراثه ولاسيما تاريخ فلسطين وتراثها ورمزيّتها وحقيقة قضيّتها ليكتشفوا أنّهم كانوا ضحيّة الدّعاية الصّهيوإعلاميّة والثّقافيّة المضلّلة طيلة عقود حول الإسلام وحول فلسطين…

رأوا الله في غزة في ابتسامة الأطفال وصبر من فقدوا عائلاتهم في لحظات الودائع وهم يواعدوهم باللقاء في الموعد الأخرويّ… وفي القوّة الرّوحيّة التي جعلت دول العالم الغربي تتوحّد بكلّ ما لديها من عناصر القوّة الماديّة ضدّ أصغر بقعة في العالم في مواجهة أهلها الصّامدين المتسلّحين بقوّة إيمانهم بربّهم وصمود مقاومتهم…

Exit mobile version