ثورة “الحيطان” علاقتها باليسار العربي ودلالتها

(سلطان الباطنيتين: الصهيونية والصفوية)

أبو يعرب المرزوقي

لو كان الأمر كما يصوره الهازئون من مظاهرة شباب اليسار وشعاراتهم المرفوعة لما كتبت حرفا. لكن الأمر جلل وهو شبيه بحركة الشباب في الجامعات الغربية. ولكن في الاتجاه العكسي تماما.

وحتى نفهم ذلك لابد أن نعي أن اليسار العربي ودعاوى التنوير فيه هو عين ما عبرت عنه هذه المظاهرة التي عنونها :
أصحابها بثورة الحيطان وهو عنوان يذكر بالدستور المكتوب على الجدران. وخلفيتها الإيديولوجية المضاعفة الجامعة بين دافعين كلاهما يجمع بين الباطنيتين وعبيدهما من العرب المطبعين مع سادتهم والمستسلمين للاستردادين الصهيوني والصفوي:

ومن ثم فهذه الحركة خطيرة جدا لأنها تجمع بين التمويل الخليجي والتجييش الإيراني وهو ما يمكنهم من الانتساب الى الإبراهيمية دينا جديدا يقبل شعار لا إخوانية لا دستورية.

فثورة الشباب الغربي تمثل اليسار الغربي الحر ولذلك فدوافع ثورته ضد نفاق حكامه وسيطرة المال الفاسد والإعلام المضلل في مجتمعه.

وحركة الشباب العربي يمثل حصيلة التربية التي حققتها حركة تجفيف المنابع التي تعبر عن العبودية لليمين الغربي. فدافعهم هو الإسلاموفوبيا.

في الحقيقة يمكن لنخب التجفيف أن تفخر بحصيلة عملها طيلة عهد بن علي التي تبينت بمراحلها الثلاث وهذه هي الرابعة والخامسة هي التي تمثل الانقلاب المقبل الذي هذه المظاهرة هي أول تعبيراته الصريحة:

  1. البداية كانت الحرب على نظام بورقيبة وقد شاركهم فيها غباء الإسلاميين.
  2. المرحلة التي بدأت بتمكنهم من الدولة بعد استعانة بن علي بهم في حربه على الإسلاميين.
  3. المرحلة التي يسرت مرحلة التخريب الداخلي لبداية الثورة بعد حلف الإسلاميين مع من ظنوهم ثوريين.
  4. المرحلة التي “كبش” فيها الإسلاميون في المشاركة في الحكم ولو بسترابونتان بدلا من البحث عن تعميق اندراجهم في ما يؤثر في واقع البلاد.
  5. والأخير هو بداية نهاية المعركة بين المثلث المربع المسيطر والذي يترصده القطبان المسيطران على الجغرافيا السياسية العالمية:
    1. فرنسا.
    2. إيران وتوابعها من العرب.
    3. إسرائيل وتوابعها من العرب.
    4. أمريكا في محاولة الاستفادة من الوضعية.
    5. للتصدي للبديل الروسي الصيني.

طبعا ليس لتونس كل هذه الأهمية لولا وجه الشبه بين منزلتها في المغرب العربي بالمقارنة مع منزلة لبنان في المشرق العربي. فكلتاهما تصلح لأن تكون قاعدة لهذه المؤثرات جميعها.

ويكفي حتى لا أطيل التذكير بعلاقتهما بالباطنيتين (النشأة في المغرب ثم في المشرق) وهما يرمزان لمركز البداية في تكوين دولة الباطنية الشيعية ثمرة البانية السبئية.

فغزو جناحي الحضارة الإسلامية بدأ في تونس خلال حرب الاسترداد في المرحلة التي قادها شارل الخامس في الثلث الأول من القرن السادس وبلغت الذروة في تحول الخلافة إلى الرجل المريض.

وخاصة بعد نشر القومية التي أنهتها بتدخل فرنسي في (المسألة الشرقية) وحرب الاسترداد الانجليكانية في تكوين نخب القومية في الجامعة الأمريكية (لبنان).

ما يحدث في “ثورة الحيطان” هو عين ما خطط له أصحاب تجفيف المنابع بعد أن حصلوا على تأييد القوى التي جمعنها في هذا المخمس الذي يسعى لتأسيس لبنان الثانية في تونس بهدف إتمام غزو المغرب العربي بعد الفراغ من غزو المشرق العربي.

 

لولا تمويل المطبعين العرب مع إسرائيل بأمر من أمريكا وتجييش المطبعين العرب مع ايران بأمر من روسيا لاستحال أن تحقق حثالة اليسار التونسي ما تسعى إليه بمظاهرة تعد لزعيم جديد يقود ما عجز دونه المنقلب لأنه لم يستطع إزاحة الحل الممكن أي الحلف بين الإسلاميين والدساترة أي بين من يمكن أن ينقضوا تونس من اللبننة.

لذلك فليس من الصدفة قدوم القوة الروسية: فهذا تهديد للحضور الفرنسي الذي لم يعد قادرا على شيء وحتمية تعويض المنقلبين بمن هو اقدر مع المليشيات الإيرانية والأرضية المشتركة بين الباطنتين واليمين الغربي والأنظمة العربية العميلة من تحقيق شروط التصدي لشروط الاستئناف. وما سرع الظهور الذي كان متخفيا ومعتمدا على المنقلب الحالي هو ما حدث في الطوفان وفي ثورة الشباب الغربي. والخوف من عدواه مع التغير الكيفي في الرأي العام العالمي لصالح حركة تحرير الأوطان وتحرر المواطنين ما يعني الخوف من الجمع بين عودة الربيع وثمرة الطوفان: لا بد من منقلب اقدر ربما مع مليشيات باطنية والنوع الجديد من فاجنر.

لا تنسوا الجوار مع ليبيا وجموح دمية ليبيا وعميل كل من ذكرت مهزوم التشاد ودمية الإمارات وروسيا وإسرائيل وإيران في السعي للوصل بين العمالة السيسوية وجل الأنظمة العربية.

العنوان الفرعي هو الأصلي: ألم تلاحظوا كثرة الكلام على القرآن بوصفه مجرد سرقة وتحريف للتوراة؟ ألم تلاحظوا تحال الكلام في اليهودية مدخل زعماء هذا التيار في المشرق والمغرب على حد سواء؟

لذلك كتبت محاولتي حول طبيعة حضور التوراة والأناجيل في القران شواهد منهما لعرض التحريف الذي ينقده القرآن بمنطق التصديق والهيمنة وليس لانتحالها: هي موضوع نقده وليست موضوع عقده.

لكن ما الحيلة مع من لا يميزون بين مبحث النقد ومبحث العقد في متن القرآن. فلا احد من الأديان التي يتكلم عليها القرآن بمصدر لما ورد فيها لأن ما ورد فيه من عرض للعقد هو المرجعية التي تعير الرسالات السابقة بمقتضاه بوصفه هو الديني في الأديان الذي يتبين عند تحريرها مما طرأ عليها من تحريف الحلف اللعين بين الوساطة الروحية والوصاية السياسية في كل تاريخ البشرية.

لذلك فكل الرسل يسمون مسلمين وكل الأديان بعد نقدها بالتصديق والهيمنة تصبح مرحلة من مراحل تحقق العقيدة الأتم التي هي جوهر الإسلام كما تعينت في القرآن خطابا موجها لكل إنسان من حيث هو إنسان.

Exit mobile version