ماذا لو كان الخيار في تونس بين هيمنة فرنسية.. و”شيء آخر”؟

عبد الرزاق الحاج مسعود

مؤشرات كثيرة تؤكد أن فرنسا غير منسجمة مع نظام الحكم في تونس الآن:

هناك ما يشبه الحملة الإعلامية في التلفزات والصحافة الفرنسية ضد نظام قيس سعيّد. حملة تتهم سعيّد بالتعامل مع روسيا والتمهيد لتمكينها من موطئ قدم في تونس على حساب المصالح الفرنسية التقليدية، وتستعمل الملف الحقوقي (الحقيقي نعم، ولكن بانتقائية ظاهرة وبتأخير زمني كبير).

وهو اتهام خطير يضع تونس في قلب رحى المواجهات الدولية بين قوى الاستعمار التقليدي والقوى العالمية الصاعدة.

تونس روسيا

أرجّح أن فرنسا نفسها وراء “صناعة مناخ استعداد لانتخابات وشيكة” بدفع بعض الوجوه لتقديم نفسها بدائل عن سعيّد في الانتخابات المفترضة، بعضها يعيش في فرنسا ومن الواضح أنها تجد دعما فرنسيا. الزنايدي مثالا، وبعضها يشارك بوعي أنه أرنب سباق، وبعضها الآخر يمثل مجرد “حالة نفسية مرضية”.

الاتحاد الأوروبي يستعمل منذ مدة طويلة ملف المساعدات والقروض، ومنها قرض صندوق النقد الدولي المعلّق، للضغط على سعيّد إن لم نقل لخنق نظامه ماليا واجتماعيا ودفعه دفعا إلى الخروج.

التحول في الموقف الفرنسي برز بوضوح مع طرد نادية عكاشة من القصر ومعها كل “الفريق الفرنسي” الذي رافق الانقلاب في أيامه الأولى. مرافقة ربما تمّ الاستعانة بها اضطرارا بحكم الجاهزية الفرنسية في تونس وأسبقيتها التاريخية.

الخلاصة: فرنسا جهة استعمارية رديئة معادية جوهريا لمستقبل تونس.
في المقابل.. حالة تفسّخ كامل في صفوف القوى السياسية المحمول عليها صياغة مشروع وطني جامع للتونسيين في الحد الأدنى.
لذلك.. هو المأزق.
وتبا.

•••

ناقش برنامج وجها لوجه في قناة فرانس 24 منذ يومين “خبرا” نشرته مجلة لاريبوبليكا الإيطالية حول هبوط طائرات عسكرية روسية في تونس وفي مطار جربة تحديدا. الجريدة تحدثت عن قلق رسمي أمريكي وإيطالي من وجود روسي مشبوه في تونس. روسيا من جهتها، على لسان سفارتها في ليبيا أنكرت الحدث واعتبرته اختلاقا محضا. الضيفان، تونسي يتحدث من إيطاليا وآخر يتحدث من روسيا، أجمعا على عدم استبعاد صحة الخبر. بل أن المتحدث من روسيا قال أن الإنكار سياسة روسية تقليدية، فقد أنكرت ما راج حول وجودها العسكري في سوريا سنة 2015 قبل أن تعلن رسميا تدخلها الواسع، وكذلك فعلت قبل هجومها على أوكرانيا.

رغم خطورة الموضوع، ومع عدم استبعاد مناورة سياسية/إعلامية فرنسية (عبر ذراعها الإعلامي) موجهة ضد روسيا وضد تونس المنفلتة ولو جزئيا وتدريجيا من النفوذ الفرنسي التقليدي أيضا، ورغم جدية المواجهة الصامتة بين روسيا وفرنسا في إفريقيا والعالم (فرنسا صارت أهم حليف لأرمينيا على حدود روسيا وعلى حسابها، مقابل تحول دول إفريقية عديدة من الهيمنة الفرنسية إلى المظلة الروسية)، أستغرب غياب “الخبر” من دائرة التناول الإعلامي تونسيا، وغياب أي تفاعل رسمي مع الخبر.

Exit mobile version