أبو يعرب المرزوقي
لما سألني الأستاذ عامر في الحوار الأخير بماذا أنصح الإسلاميين في المعركة الجارية حول الترشح لـ الانتخابات الرئاسية ترددت كثيرا لكني لا يمكن أن اشجع على تفويت فرصة يصدق فيها ما لا يحصل كله لا يترك جله. (فيديو المقابلة اسفل التدوينة).
صحيح أن الجيل المجرب لم يعد بمقتضى السن ممثلا للمستقبل والجيل الشاب ليس مستعدا لأنه لم يعد للمهمة خلال انخرام حال الحركة بسبب المشاركة الهامشية في الحكم.
لكن ذلك لا ينفي أنه يمكن الاعتماد على الجيل الأوسط الذي له تكوين تقني وخلقي متحرر من هذين العائقين -السن والجهل بدواليب الحكم- ومن ثم فيمكن أن يقاسوا على الجيل الأول الذي حكم تونس دون استعداد ولا إعداد تام.
وشرط الوزن يقتضي التخلص من التفتت الحالي إلى ثلاثة أحزاب دون حاجة للتوحيد الرسمي إذ يمكن القيام بانتخابات داخلية بين الأحزاب الثلاثة ذات المرجعية الإسلامية.
فهذه فرصة تجعل اختيار مرشح يمثلهم يخرج عن انتخابات داخلية بينهم فيحقق شرط الوزن دون أن يلغي واقع التعدد الحزبي وذلك على مرحلتين:
كل حزب يرشح واحد في دورة أولى ثم يتم اختيار أحدهما بين الأثنين الأولين ليبقى مرشح واحد يمثلهم كلهم فيشارك باسم حلف بينهم في الانتخابات الرئاسية فينال أصوات ناخبيهم ويكون حتما إما الأول أو الثاني فيها
فيشارك في الدور الثاني منها باستراتيجية السباق المحيي للتنافس كما في التنافس الرياضي بين حلفين كبيرين كلاهما لا يعادي الثاني..
ويمكن أن اقترح ثلاثة أسماء من الجيل الأوسط بين الشباب والشيوخ الذين ينبغي أن يبتعدوا لأن المعركة تقتضي تغييرا جذريا في الإستراتيجيا التي بينت طبيعتها وسميتها استراتيجية الدومنيو العكسي أي الذي يرمز للصعود وليس للسقوط.
والثلاثة الذين اقترح المرور بالانتخاب الداخلي على دورتين تتوفر فيهم الشروط المتعلقة بالتكوين الفني والرصيد الخلقي ليؤدوا المهمة على افضل نهج يحقق التواصل والتجاوز في تاريخ التيار المحافظ، فيمكن إذن ترشيح ثلاثة أسماء أراها أهلا لهذا الدور:
الأول عندي هو الأستاذ سمير ديلو.
والثاني هو رئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي.
والثالث هو رئيس حزب الائتلاف سيف الدين مخلوف.
وها أنا اقترح هذه الأسماء وقد يرى غيري غيرهم ولم استشر أيا منهم ولا أحدا غيرهم. لكني أومن بأنهم لا يشكون في أني انصحهم بكل أمانة وصدق بأن ذلك سيكون:
في صالح تونس أولا
وفي صالح الحركة الإسلامية ثانيا
وهو سيكون بمرجعية ثعالبية (عبد العزيز الثعالبي) تؤمن بالتأصيل الذي لا يعادي التحديث إذ إني مقتنع بأن تونس لن تستقر من دون هذا الصلح بين التأصيل والتحديث.
المتجاوزين للتأصيل والتحديث العنيفين حتى يكونا ناتجين عن إرادة حرة وحكمة راجحة تمكن من العيش المشترك السلمي بين التوانسة أيا كان تصورهم الإيديولوجي.
وأنصح بأن يكون العهد بينهما هو التعاون الدائم سواء نجح من سيتم ترشيحه أو لم ينجح في الانتخابات. لكنهم يكونوا بذلك قد أسسوا حزبا قويا مؤلفا من ثلاث تيارات يجمعها المرجعية والهدف من المشاركة في تكوين شروط التداول على حكم نظام ديموقراطي يتصالح فيه اكبر حزبين على العقد الصريح بينهما في ضمانة التداول السلمي الذي يخرج تونس من التعبية الناتج عن تفتيت القوى السياسية التي تبدت إلى ما دون القبلية.