نصر الدين السويلمي
نتطرق اليوم إلى الوجه العنصري الأوروبي، نتطرق إلى روح ماركس العميقة التي لم تظهر على سطح “البيان الشيوعي” ولا على سطح “بؤس الفلسفة” لم تظهر حتى على سطح “رأس المال” لكنها ظهرت على سطح الجزائر.
في يوم 14 مارس من العام 1883 توفي الفيلسوف الألماني كارل ماركس.
لن نتطرق في ذكرى رحيله إلى ماركس المؤرخ وعالم الاجتماع والمنظر السياسي والصحفي والثوري والاشتراكي.. تلك مناحي أشبعت حد التخمة.
في أواخر أفريل من سنة 1882 حين كان في رحلة استجمام إلى الجزائر كتب كارل ماركس رسالة إلى صديقه فريديريك إنجلز جاء فيها: “يجب أن أذكر لك هنا مقلبا دبّرته السلطة الفرنسيّة ضدّ لصّ مسكين وقاتل محترف من العرب ففي اللحظة الأخيرة اكتشف أنّه لن يعدم رميا بالرصاص وإنّما سيقطع رأسه بالمقصلة، قطعوا رأسه رغم التعهّد المسبق”.
كان ماركس يكتب بتلك الطريقة السّاخرة ويستعمل عبارات مشينة مثل اللصّ والقاتل في حقّ واحدة من أروع ثورات الجزائر، ويستهدف واحدا من أعظم ثوّار الجزائر، محمّد بن العربي بن الشّيخ بن الحرمة بن إبراهيم، الملقّب بالشّيخ بوعمامة. في الأخير ونتيجة الاستهتار واللامبالاة قدّم ماركس معطيات غير صحيحة لصديقه لأنّ الشّيخ بوعمامة تمّ نفيه إلى المغرب وتوفي هناك رحمه الله. وتوجد اليوم بالزّاوية الشيخيّة بوجدة وفي متحف خاصّ مقتنيات نفيسة للشّيخ بوعمامة منها 80 مخطوطة لمراسلات الشّيخ مع القبائل وسيفه وسبحته وجبيرة السّلاح والقرطاس وبرنوسه وراية الجهاد التي كانت تحمل شعار «لا إله إلّا الله محمد رسول الله» وبها طلقة رصاص بالإضافة إلى سرج ولواحقه وصناديق كانت تستخدم لجمع الغنائم وختم الشّيخ بوعمامة وختم جدّه الشّيخ سليمان بن بوسماحة.
خلال إقامته بالجزائر أرسل ماركس 16 رسالة إلى ابنته وصديقه إنجلز، قدّم من خلالها رؤية تبارك الاستعمار واعتبر ما تقوم به فرنسا عمليّة إعمار في الأرض، تماما كما وقع في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وأستراليا، اعتبرها هجرة للتقدّم والرقي.
هذا كان رأي ماركس فماذا كان رأي محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد..” ولا شكّ قُتل أبطال الجهاد الجزائري من أجل الدّين والدم والمال؟ لذلك لا أحد يدسّ الماركسيّة ومفرداتها في جهاد جزائري أدانته ورذّلته الماركسيّة وباركه الإسلام العظيم.