هل منع الأطباء من السفر هو الحل ؟!
كمال الشارني
في الأصل، لست معنيا بموظفي الوظيفة التشريعية المسماة سابقا مجلس نواب لأني لم أنتخب أحدا منهم ويفترض أخلاقيا أن حق المواطنة لا يجيز لي سؤالهم عن شيء فنحن قد “اتخذنا في أشياء أكثر خطرا”، لكن،
56 نائبا من عدة كتل، يقترحون شيئين غريبين:
الأول، نوع من الـ S17 غير الدستوري لمنع الأطباء من السفر وهو يدل على جهل مطبق بتراتبية القوانين وعلوية الدستور والقوانين الأساسية المنظمة للحقوق العامة ومنها حق السفر.
والثاني، إسعاف طلبة الطب ممن لم تمكنهم كفاءتهم الدراسية من الحصول على توجيه نحو “الاختصاصات الصعبة” المتعلقة بالحياة مقابل الالتزام بالعمل في الجهات الداخلية، يعني رشوة علمية، يعني بلغة واقعية: “أنت لست الأفضل علميا، لكنك سوف نرشوك علميا مقابل أن تضحي بخمسة أعوام من حياتك المهنية مع الفقراء والجهات التي نسيتها الدولة”، على أساس أن العمل في المناطق الداخلية هي خسارة وتضحية فاذهب لقضائها كيف ما اتفق ثم هج، حسنا.
المستشفى العمومي
أنا أعرف أطباء قطاع خاص في الجهات الداخلية فيهم من يبيت على ألف دينار يوميا وفيهم من “يتمعش” من تعطيل خدمات المستشفى العمومي، وثمة طبيب شهير في إحدى ولايات الشمال الغربي يجري عمليات جراحية على العيون في “ملجأ” تم إعدادها على عجل لغرفتي عمليات بـ 1500 دينار للعملية التي تدوم 5 دقائق (الآن أصبحت 2000 دينار وفي العاصمة 3 آلاف)، لأن المستشفى العمومي لم يفعل شيئا لجذب الأطباء واحترامهم حيث في مقدوره أن يجمع ثروة لو عرض جراحة العيون مثلا بثلث الثمن، حيث كل شيء معطب ولا يستجيب ولا أحد يهتم لأحد.
وأعرف الكثير من الأطباء من العائلة ممن يشغلونهم في القطاع العمومي بطريقة لا تليق أبدا، وفيهم امرأة فاضلة تضرب 36 ساعة في المستشفى لعدم وجود طبيب استعجالي غيرها.
الأطباء الخواص ربي يعينهم ويزيدهم، لكن لماذا لم يسأل أحد عن الفساد في مؤسسات الصحة العمومية وعن أسباب عزوف الأطباء عن العمل في القطاع العام؟ الجواب هو أن “موظفي الوظيفة التشريعية” الجدد لا علاقة لهم بأي شيء، وهذا أمر لا يهمني أخلاقيا لأني لم أنتخب أحدا منهم وأنا أصلا لا أعرف أحدا منهم ولا أدري من أين جاءوا وما إذا كانت لهم برامج حقيقية، لكن مقترحهم مثير للدهشة.