مخاض الحماية.. انطباعات أوّلية حول برنامج القناة الفرنسية
نور الدين الغيلوفي
1. إدانة واضحة للثورة التونسيّة استنادا إلى خطاب فقراء ظلّوا على فقرهم فأصيبوا بخيبة.. فقراء يقولون نحن منشغلون بطعامنا ولا نخوض في السياسة.
- إدانة لساسة العهد الديمقراطيّ المغدور. استعمل البرنامج عون حراسة ليقول إنّ السياسيين، في عشرية السواد، نهبوا الأموال وأثروا على حساب الناس. وهو كلام يردَّد في المقاهي أثبتت سنوات الانقلاب أنّه بلا سند. تسويق إعلامي من جنس ما اعترف باختلاقه توفيق بن بريك في شأن الرئيس الدكتور منصف المرزوقي.
تسويق الخطاب الغوغائي الذي يدين حركة النهضة كما لو كانت مسؤولة وحدها عن كلّ الذي جرى. أدانوا النهضة ولم يدعُ البرنامج عنصرا من عناصرها ليتحدّث برأيه. ولمّا سألوا سمير ديلو استدرجوه إلى الاعتراف بارتكاب أخطاء. تكلّم الرجل بشجاعة لم تكن من مطالب البرنامج.. البرنامج استعمل الاعتراف في أفق الإدانة.
صاحبة نزل النجوم الخمس الفرانكفونية الثوريّة قالت إنّنا قد فشلنا في كلّ شيء.. فشلنا في السياسة وفي التنمية.. وهذا حكم جائر ينسف منجزات الثورة كلّها ويصوّر التونسيين عاجزين عن كلّ إنجاز. الثورة أنجزت في السياسة ما لا يمكن أن تنجز ثورة أفضل منه. معنى قولها: نحن لسنا أهلا للثورة فتعالوا احمونا، من جديد، من عجزنا.
حكاية ما جرى للأفارقة في تونس من قبل الناس والسلطة فضيحة كبرى. والادّعاء بأنّ البوليس يسرقون الأمتعة ويغتصبون النساء أمر يحتاج إلى تحقيقات دقيقة دفاعا عن سمعة البلاد. على أنّ سلوك البوليس في سياق الحديث عن الدكتاتورية قد لا يبدو نشازا. الإدانة هنا للشعبويين الذين تصرّفوا تلك التصرّفات المشينة تنفيذا لخطاب قائدهم.. فشوّهوا، بسلوكهم، الشعب التونسيّ كلّه.
البرنامج بدا لي مجرّد “قرصة” للنظام حتّى يعتدل في أفق فرنسا الحماية. كنت أتابع وفي ذهني قول جاك شيراك للتونسيين في زيارة له لبن علي، قال حينها ما يعني “يا توانسة.. ليس لشعب مثل شعبكم، إذا وجد طعامه، أن يفكّر في حريته.. الحرية ترف فلا تطلبوها”.
الشاب المؤلّف الذي تكلّم في آخر البرنامج تكلّم بحديث متوازن فيه دفاع صريح عن الديمقراطية والتداول السلميّ على السلطة.. ولم يغفل، بفرنسيته الرشيقة، عن دحض السردية الفرنسية في شأن المهاجرين الأفارقة.
تساءلت، وأنا أشاهد البرنامج، كيف كان التونسيّون سيتلقّونه لو كان من إنجاز قناة الجزيرة في بلد يجيز لفرنسا ما لا يجيز لغيرها؟
برنامج القناة الفرنسية
https://www.youtube.com/watch?v=Ah6uPjCnqgY