الخال عمار جماعي
كنت أقف بجانب عمّ عبد الله حين سمع الجملة: “كان ما درت شي.. توة تروّح” فأحسست بمغص في معدتي. فهذه الجملة بالذّات مقدّمة شؤم في ربوعنا، فأخفيت ذلك غير أنّ عبد الله المعياري صدّق الحرس.. ولكنّه ظلّ متوجّسًا.
همست له: “تفكّر عمّ عبد الله، درتش حاجة في دنيتك؟” التفت إليّ وقد عقد حاجبيه وقال: “درت الشرّ!”.. انفلتت منّي ضحكة، نبّهت الحاجب لوجودي وكان منهمكا في تقييد اسم عبد الله ورقم “كارطة التعريف” كما يقول هو، وتوقّف في “صفة استدعائه”!.. قال لي في لهجة الحرس الوطني: “تفضّل أنت! إيش تحبّ؟”.. أربكني فقلت: “جاي مع عمّي” نهرني قائلا: “برّه استنّاه لبرّه”.. فانسللت.
وأنا أجلس تحت شجرة الكلتوس ذات البطن الواسع المقابلة للمركز وأدور مع ظلّها وقد طال مكوث عمّ عبد الله داخله فكّرت أن أذهب للسؤال عليه ومعرفة مصيره.. ولكنّي لم آمن جوابا لطيفا منهم. فبقيت أراقب حمارًا يراود أتانا مربوطة بعربة وتحرّك شدقيها فينهق من عدم الإستطاعة.. فقلت في نفسي: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. ملاّ فال أحرف.. زعمة إيش صاير فيك يا معياري”! ووجدتني أكاد أبكي على صاحبي!
لمّا رأيت عبد الله المعياري يخرج وهو ينفض جبّته كعادته حين يكون غاضبا نهضت إليه مسرعا واحتضنته مرددا: “الحمد لله على سلامتك”.. دفعني وقال: “قدّاش قلوبكم رهيفة ذرّ توّ.. ابعد غادي وأشبحلنا فيش نروّحوا.. عندي حساب تنصفّيه مع هاك المُغط”!.. بحثت في ذهني عن “الأمغاط” فلم أهتدِ. قلت له لأخفّف عنه: “أناهو منهم؟”.. لم يجبني وبقي يغلي من غيظه..
حين وجدنا سيارة النقل الريفي وأخذ مكانه، التفت نحوي عبد الله المعياري وقال: “هام المُغط عبد الله الأخشيدي”.
كان هذا يومان فقط قبل أن يأتيه الاستدعاء الثاني…
“الخال”
