نصر الدين السويلمي
تداخل المشهد الفلسطيني بشكل كبير، وأصبح في حالة معقّدة تتحرّك أطرافه على الألغام وفي مساحات ضيّقة. تسارع كبير يحرم المتابع من بناء تصوّر مستقرّ، خاصّة ونحن أمام مشهد غير تقليدي، تكاثر وتداخل فيه اللاعبون.
في الأيّام الماضية التقى هنيّة مع دحلان، ثمّ فاجأ موسى أبو مرزوق العديد من الجهات حين ظهر في حوار على قناة الغد المملوكة لمحمّد دحلان بتمويل إماراتي، وقال أنّ الحركة توافق على حكومة تكنوقراط في القطاع.
ونحن في جلبة اللغط الذي خلّفه تواصل محمد دحلان مع حركة حماس، أطلّ رئيس الوزراء الفلسطيني محمّد اشتيّة اليوم الإثنين باستقالته، التي قال أنّه قدّمها إلى رئيس السلطة محمود عبّاس، ثمّ تحدّث عن ضرورة تشكيل حكومة، وقدّم تصورا في واقع الأمر ليس من مشمولاته، ولكن يبدو أنّ عبّاسا كلّفه بتقديمه خلال خطاب الاستقالة، جاء فيه “أرى أنّ المرحلة القادمة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكوميّة وسياسيّة جديدة، تأخذ بالاعتبار الواقع المستجدّ في قطاع غزّة، ومحادثات الوحدة الوطنيّة والحاجة الملحّة إلى توافق فلسطيني- فلسطيني، مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصفّ، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين”.
ذلك يعني أنّ السلطة التي حسمت في حركة حماس واتهمها بعض رموزها بأنّها خارج الإجماع والسبب فيما يحدث، عادت وقدّمت عرضا مبطّنا للحركة يمكّنها من المشاركة في حكومة وحدة وطنيّة شريطة قيادة السلطة “رموز فتح” للحكومة. هذا التغيير يأتي بعد الحديث عن حوار يدور بين محمّد دحلان ممثّل أبو ظبي وقيادة الحركة في الخارج.
لماذا تسارع النّسق الآن بالتحديد؟
تسارع النّسق وسيتسارع أكثر لأنّ سلطة محمود عبّاس تلوح قد خسرت مصر سندها الأكبر، فبعد الإعلان الرسمي عن استثمار الإمارات 35 مليار دولار في مصر، واستهداف أبو ظبي لسلسلة من المؤسّسات والمنشآت الدقيقة، أضخمها شراء مدينة رأس الحكمة الساحليّة “مساحتها 55 ألف فدان” بــ 22 مليار دولار، أصبح من الصعب على سلطة السيسي الاحتفاظ بتصوّر سياسي خاصّ لغزّة، وأصبح الموقف المصري على ذمّة الأجندة الإماراتيّة بقوّة الصفقة التاريخيّة. الأمر الذي جعل عبّاسا يفتح جسر تواصل نشيط مع الأردن، في محاولة لمنع حكومة التكنوقراط الغزّاوية.