أنا سوف أسمي الموقوفين
كمال الشارني
موزاييك إذاعة قوية وتستند إلى حرفية جيدة لكنها تكتفي بعبارات غامضة مضادة لقواعد الدقة في الصحافة: “النيابة العمومية أذنت بالتمديد في الاحتفاظ بثلاثة إطارات من بينهم مدير عام سابق لشركة بترولية حكومية”،
تمديد يعني إيقاف منذ أيام، أنا أعرف مثل غيري الخبر الذي لا مبرر لغموضه لأنه حدث يخص شخصيات عمومية وانتهى الأمر، كانت حالة رعب تحكم قطاع الطاقة ولا أحد يعرف من أين ستأتي العاصفة وخصوصا بناء على ماذا ومعلومات ممن؟ أي معنى للبراءة والشرف بعد أشهر من السجن وهذا قد وقع للكثير منهم؟
لماذا الغموض عن الموقوفين وهم شخصيات عامة، من هم؟ ما علاقتهم بالموضوع؟ كيف ولماذا ومتى؟ مش مهم،
توه نحن في زمن النميمة بديلا طبيعيا للإعلام الوظيفي الميت، وإلا من يعرف لماذا تم إيقاف السادة محمد علي خليل مدير عام سابق للشركة التونسية للأنشطة البترولية والسيد عبد الوهاب الخماسي مدير عام لاحق لها والسيد المنجي النعيري الذي تخلى عن ثروة مالية حقيقية في سلطة عمان ليعود للعمل في تونس قريبا من أهله فوجد نفسه في السجن، في علاقة بملف نوارة للغاز الذي تحت استغلال شركة OMV النمساوية بالشراكة مع الشركة التونسية للأنشطة البترولية.
يجب التوضيح أن السيد عبد الوهاب الخماسي أيضا كان يشتغل في الخارج وقد صنع هناك مجده الحقيقي ولا يمكن أن نتخيل لحظة أنه قد يطمع في بقايا فلوس في تونس مقارنة بأجره الشهري خارج تونس، وأعرف تونسيين كثيرين يشتغلون خارج الوطن بأجور تتراوح بين 30 إلى 40 ألف دولار شهريا فيما نظراؤهم في تونس يحصلون على أقل من عشر ذلك المبلغ، وكان هناك دائما فهم خاطئ للتأجير في قطاع المحروقات في تونس باسم الشعبوية،
ومنذ أن ظهر شيء اسمه الإعلام والصحافة قبل قرنين، كان هناك إعلام حكومي وإعلام هامشي، في أغلب فترات الإنسانية كان الإعلام الحكومي يخسر كل معاركه بسبب غباء الحكومات التي تخسر أكثر قضاياها عدالة، فما بالك إذا كان الإعلام عاجزا عن فهم تلك القضايا إلا من طريق النميمة أو الأخبار الخاصة، كان يفترض أن يكون هناك ملف فني قضائي جاهز، فسر لي واقنعني واترك لي الحق في استدعاء الخبراء والفنيين لمناقشة القصة،
غير ذلك، مجتمع نميمة لا أحد يأمن فيه على نفسه، يخسر فيه الرأي العام والإعلام العمومي والدولة نفسها، لأننا نفقد العلاقة بالحقيقة.