انتصر عمران خان من داخل زنزانته

نصر الدين السويلمي

وبرغم كل شيء.. انتصر عمران
عندما تمّ إغراق عمران خان بالقضايا والأحكام، ووصلت التهم التي تلاحقه إلى 200 تهمة، وتحت ضغط القوى الصّلبة “جيش/ قضاء/ أمن” لم يكتف العديد من رموز الحزب بالانسحاب، بل أُجبروا على التنصّل من عمران وبعضهم ساهم في تثبيت التهم عليه، لا بل إنّ البعض الآخر ذهب بعيدا ولعب أدوارا كتلك التي لعبها القيادي النّهضاوي السّابق عماد الحمامي ضدّ الزّعيم التّاريخي لحركة النّهضة راشد الغنّوشي، وربّما الفارق الوحيد أنّ هذا الأخير لم يُجبر وإنّما تطوّع لتشويه الغنّوشي وإفشاء أسرار الحزب الذي كان ينتمي إليه، ويعتبره طفله المدلّل إلى جانب القيادي المتخلّي زياد العذاري.

عمران خان

بخلاف كلّ التوقّعات فاز حزب إنصاف رغم تحالف العسكر مع العديد من الأحزاب الأخرى واستعمال القضاء للهرسلة، ومنع شعار الحزب واضطراره إلى خوض المنافسة الانتخابيّة بقوائم مستقلّة إلى جانب انفصال مجموعة يقودها الوزيران السّابقان هاشم دوجار، ومراد راس، اللذان استقالا من حزب إنصاف بعد اعتقال زعيمه عمران خان، ونجحا في استمالة 35 عضوا من وزراء أو أعضاء برلمان، والغريب أنّ الذين قادوا الانفصال كانوا يتمتّعون بحظوة كبيرة داخل حزب إنصاف، وقدّمهم الحزب لحقائب وزاريّة معتبرة، لكن المحنة أسقطتهم وكشفت حقيقة خميرتهم.. وزادت انتخابات الثّامن من فيفري الجاري في تعريتهم، حين فشلت المجموعة في صرف النّاس عن حزبهم السّابق رغم مجهوداتهم.

بلا ريب أن الفوز الذي حقٍقته إنصاف غير مسبوق في الحياة السياسيّة الباكستانيّة، بما أن كلّ الحكومات السابقة لم تنه مدّتها لأنّ الجيش يراقب ولا يتسامح، وطالما أوعز للكتل النيابيّة الرّخوة بإسقاط هذه الحكومة أو تلك، حتى الحليف الجديد نوّاز شريف سبق وأسقطه الجيش في العام 2017، حينها لم يعاند نوّاز ولا هو دخل في صراع مع قوى الحديد الصّلبة التي لا تسمح بتجاوز بعض خطوطها الحمراء، وبخلاف نواز رفض عمران الاستسلام حين أرادوا إسقاطه وحين أسقطوه بعد أن تجاوز العسكر في سياساته الداخلية والخارجية.

فاز عمران خان من داخل زنزانته، وفاز الحزب من خارج إطاره، ولم تسقط عصا الكريكت رمز الحملة الانتخابيّة رغم منع الحزب من استعمالها، وهي التي كانت ترشد كتلة الأمّيّين الواسعة في باكستان خلال التّصويت، وبها يعرفون حزب إنصاف.

كانوا يترقّبون ثورة في الشّارع، حاصروا الرّموز وبثّوا الهلع في القواعد ودجّجوا الشّوارع والمدن، فجاءتهم الثّورة من الصّناديق.. ثورة سلميّة، قال لهم الشّعب لا بالحبر وليس بالدّم، فيما قال نعم نعم لعمران وحزبه.

عمران خان هو أول زعيم مسلم يثير قضية الإسلاموفوبيا في الأمم المتحدة خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 سبتمبر من العام 2019. وفي العام 2022 وبعد جهود كبيرة من عمران، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قراراً قدمته باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي حول إعلان يوم 15 مارس، يومًا عالميًا لمكافحة الإسلاموفوبيا.

Exit mobile version