بوليس… الآداب
الطيب الجوادي
بعد رحيل الوالدة المفاجئ، قررت أن أنشر حكاياتها في كتاب (سيرة الطيب ولد هنية)، ورأيت أن أستشير بعض الأكاديميين والنقاد والنافذين في المجال الثقافي في تونس المخروبة، أرسلت بنصوص من السيرة إليهم، فأجمعوا أن نصوصي لا ترتقي أن تكون سيرة.
لأنه لابدّ من خيط ناظم حسب احدهم وذلك حسب رؤية ت.ب.ج السويسري، وك.م.س الألماني😀ناقد آخر قال لي أنها أيضا غير صالحة للنشر لان لغتها بسيطة وسطحية وليس فيها تعرّجات وشقلبات وتجريد وفانتازيا ايروسية كما تتطلب الرواية حسب ش.ك.ف النرويجي وه.ب.ت من المونتينيغرو 🤭أما الفطحل الثالث وهو نافذ جدا ويشتغل بوليس بشعار وثلاثة نجوم في رمبوان الأدب الرفيع فصارحني بأن نشر سيرتي سيساهم بالتأكيد في انحطاط الأدب و”تشليك” فن السيرة وربما بقية الفنون بما فيها المزود وهزّ البطن😃لم أيأس،
وقصدت دار نشر معروفة جدا ومعروفة بنشر الكتب الجادة التي لا يقرؤها احد وتقتنيها فقط وزارة الثقافة وبعض الجمعيات الخيرية، تناول من عندي المسودة ووعدني بأن يرد عليّ بعد أيام قليلة من خلال المايل، وبعد أسبوع جاءني مايله وفيه جملة واحدة: غير صالحة للنشر،
سيرة الطيب ولد هنية
وفي الأثناء وصل قراء أحد نصوص السيرة في صفحتي في الفايسبوك المخصصة لها إلى ستين ألفا، كما جذبت النصوص الأخرى آلاف القراء، فقررت أن اعرض المسودة على سي مجدي بن عيسى صاحب دار زينب فلم يتردد ولم يجادل بل أدخلها فورا للمطبعة ووضعني أمام الأمر الواقع ليتفاجأ بنفاذ الطبعة الأولى في ثلاثة أسابيع، وفي معرض الكتاب، كان شرطة الآداب يراقبون بذهول الصفوف الطويلة أمام دار زينب ودار الكتاب وغيرها من الدور لاقتناء الكتاب فلم يجدوا من تعليل لذلك الإقبال إلا عبارة: الإقبال لا يعني جودة النصّ، بينما كانوا يستجدون القراء بكل السبل ليقتنوا منهم كتبهم التي كانت “تنعس” في المعرض وبعضها كان معروضا بجانب كتابي!
كتبت هذا لأشجّع الجميع على ممارسة الكتابة وليتركوا الحكم وحده للقراء وللزمن فهو أفضل النقاد، وليتذكر الجميع أن هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم بوليسية آداب هم في الأغلب فشلوا في ترويج كتبهم فاشتغلوا بإشاعة اليأس والإحباط وتثبيط الهمم لدى كل من يمارس حرفة الكتابة حتى يتقاسم الجميع الفشل والخمول،، وإلاّ ماذا يضيرهم أن يكتب الناس وان تتفتّح ألف زهرة ! ولكنهم يكرهون الربيع ! ويكرهون أن يعمل غيرهم وينجح.
مع تحيات الانتريتي مواطن عادي في عالم الأدب!