محمد ضيف الله
البحر المتوسط كان تاريخيا مجال احتكاك وتنافس ونزاع بين الدول المحاذية له، ففيه وقعت معارك كبرى، ومرت الجيوش من هناك إلى هناك والعكس، وهو ما خلف عداوات راسبة ومواقف مسبقة وخلفيات.
ألمانيا لم تكن على شواطئه، ولذلك كانت معتدلة في مواقفها ورؤيتها إلى عالم العروبة والإسلام، بالمقارنة مع فرنسا أو إيطاليا مثلا.
من هذه الزاوية ليس من تمام الغرابة أن تقف فرنسا وإيطاليا إلى جانب كيان الاحتلال في عدوانه على غزة، وقوفا إعلاميا وسياسيا ودبلوماسيا واستخباراتيا وما لا نعلمه أيضا، ومازالا مصرّين على نفس الموقف.
أما الجديد، فهو ألمانيا، بكل الإصرار والتأكيد والتسليح أيضا، ولو كان متاحا لها لنزل الجيش الألماني على شواطئ غزة لإتمام المأمورية. ألمانيا تمثل السقوط المدوّي.
في بلادنا فروع لعدة مؤسسات ألمانية سياسية مثل مؤسسة فريدريش أيبرت (fondation Friedrich-Ebert) التابعة لحزب (SPD) ومؤسسة فريدريش نومان (fondation Friedrich-Naumann) التابعة لحزب (FDP)، وكلا الحزبان يحكمان في ألمانيا، والمؤسسات الألمانية بما في ذلك المؤسستان المذكورتان تتعامل منذ سنوات عديدة مع المجتمع المدني في بلادنا وتساعد على تنمية قيم المواطنة والديمقراطية والحرية والحقوق.
فماذا بقي لهم أن يسوّقوه من الآن فصاعدا، وقد رأينا موقفهم ومساندتهم لما يجري في غزة من تقتيل وتهديم وتهجير وتحطيم. بلاد الجرمان سقطت في امتحان غزة، وأحزابهم أصرّت على كشف وجه لم نكن نتصوره لهم.