محمد ضيف الله
جيش ينهزم أمام جيش في 6 أيام، ولا يخجل من القول بأنه خير أجناد الأرض، فماذا نسمي من يصمد أمام نفس الجيش، أكثر من 100 يوم دون أن تكون لديه طائرات أو دبابات أو أسلحة ثقيلة؟
عجبٌ وتعجّب!
أتعجب من المعجبين بما قامت به جنوب إفريقيا، وهم معجبون بحكم العسكر والانقلابات، لأنه لا يلتقي أن يدعّم المرءُ انقلاب العسكر في مصر وتقتيل الشعب السوري وانقلاب 25 جويلية من جهة، والإعجاب بجنوب إفريقيا التي تقدمت بشكوى ضد الكيان الغاصب.
والدليل على ذلك أن الدول النماذج التي تعتبرونها من شاكلة السعودية أو مصر أو الجزائر، لم تقدم شكوى مثل التي أعجبتكم، ورفعتم بسببها القبعات لجنوب إفريقيا. لأنه بعيدا عن شعارات السيادة الوطنية، لا يستطيع الحاكم أن يلوي العصا إلا في وجه شعبه.
إن ما قامت به جنوب إفريقيا مرده إلى أنها ديمقراطية، بينما الأنظمة التي تدعمونها وتعتبرونها نموذجية هي أنظمة استبداد، فعلت وتفعل بمن تحكمهم مثلما يفعل جيش الاحتلال بالفلسطينيين. قارنوا الأرقام إن شئتم، قارنوا الفظاعات، لا فرق. أنتم موضوع التعجّب.
السعوديون..
تصور فقط أن السعودية فكّرت في ما قامت به جنوب أفريقيا. أقول تصوّر، لأنه لا يمكن أن يقوم بذلك حاكم يستمدّ نفوذه من القوى الخارجية، عوضا عن شعبه أو بالأحرى منظوريه، لأنه لا يوجد في تصوره شعب، وإنما رعية، بلا رأي، ولا قيمة، ولا صوت. والدليل على ذلك أنهم لم يتحركوا، لم يتظاهروا مثلما تفعل شعوب العالم الحر، دفاعا عن غزة. من يسمونهم سعوديين لا وجود لهم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والذي لا يعرف الحرية لا يمكن أن يطالب بها لغيره. ليس هذا ما يحزن، وإنما ما يحزن أن تلك الأرض ظهر فيها الإسلام الذي حرر غيرهم من الشعوب وبقوا هم في الحالة التي نعرف.
احتلال واحتلال..
الاستعمار مهما كان وأنى وجد، واجه بالرصاص من لم يكن قادرا على ترويضهم أو إغرائهم، وبصفة عامة كل من استشعر خطورتهم على وجوده أو على مصالحه أو على مستقبل أبنائه. وبما أنه لا يمكن أن يبقى شعب، حتى وهو تحت الاحتلال، بدون أن يفرز قيادات ورموزا، فقد كان الاستعمار يستبق ذلك إلى صناعة قيادات حسب المقاس، يهيئها لكي تتبوأ صدارة مجتمعاتها. وله الحق في ذلك.
المشكل أن دول الاستقلال اتبعت النهج نفسه، فتراها تصنع محاضن يتخرج منها قيادتها المستقبلية، نعم في الأحزاب الحاكمة وفي بعض المنظمات الرديفة والنقابات، ولكن أيضا في بعض صفوف المعارضة، بل أن هناك أحزابا سرية راديكالية تصنعها بواسطة المخابرات لتلتجئ إليها عند الحاجة. فتراها في آخر الأمر لا تخرج عن أساليب الاحتلال.