عبد الرزاق الحاج مسعود
عشت أؤمن بـ الديمقراطية سبيلا تاريخيا/فكريا/سياسيا وحيدا لتحرير إرادة المواطن/الإنسان الفرد، وطريقا وحيدة لعقلنة الانتظام المجتمعي العربي الذي دمرته الإستبدادات المرَضية الفردية والعائلية والعسكرية.
وازددت تمسكا بالديمقراطية بعد الفصل السياسي المأساوي الأخير من الانقلابات المخابراتية المجرمة التي أجهضت الثورات العربية الأخيرة خوفا من استقرار الديمقراطية عندنا.
لكنني أجد نفسي الآن مدفوعا إلى فتح قوس استثناء في إيماني المطلق بالديمقراطية. فأمام حجم تخاذل بل تواطؤ أنظمة الحكم العربية الكبرى خاصة (مصر والسعودية والجزائر) ضد ملحمة التحرر الغزاوية، وتحالفهم مع الاحتلال في إبادة شعب عربي كامل، صرت أتمنى حدوث انقلابات عسكرية “عنيفة في وطنيتها” في هذه الدول التي يتوقف عليها المصير العربي تقريبا.
أعرف وجهة النظر العقائدية الديمقراطية التي تجزم باستحالة التقاء الانقلاب العسكري بالفكرة الديمقراطية لأنهما نقيضان جوهريان، إذ الانقلاب العسكري نقيض لفكرة الحرية التي هي روح الديمقراطية، لكنني مع ذلك أميل إلى شبه يقين باستحالة أن يدخل العرب العصر الديمقراطي عبر النضال المجتمعي الأفقي.. أي الوعي الجماعي.
الديمقراطية المستحيلة
- أولا بسبب وجود فيتو غربي سياسي واقتصادي وثقافي ضد مشروع التحرر العربي،
- وثانيا بسبب الاهتراء المجتمعي الداخلي الشامل في مجتمعاتنا بما يمنعها من الاجتماع حول الحد الأدنى العقلاني للسير على طريق التحرر الديمقراطي الهادئ،
- وثالثا وأساسا بسبب نخب شبكات الحكم العميلة بنيويا.
ولأن المصير العربي مرتهن تقريبا كليا لدى دول عربية ذات ثقل تاريخي كبير (الدول الثلاث المذكورة أعلاه)، ولكنها محكومة بأقليات لاوطنية تشرف على إدامة الاستعمار وتعمل ضد مصلحة مجتمعاتنا.. لا أرى أي إمكانية لزوالها بالديمقراطية.
تبا.