كمال الشارني
أقرأ عن تجريم بعض أشكال التضامن السلمي مع غزة في دول الجوار الفلسطيني وسجن الكثير من المناضلين، ما يحدث اليوم هو تطبيق لما تحدد في مصير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمائة عام في البنود السرية لاتفاقية سايكس بيكو منذ 1916،
وأهمها رسم حدود عدائية وإقامة أنظمة موالية تستمد شرعيتها من القوة الصلبة أي الجيش والشرطة والمخابرات التي تتربى عند الدول الراعية للاتفاق: بريطانيا وفرنسا بموافقة إيطاليا وروسيا ثم الولايات المتحدة، تم إدخال تغييرات ضرورية على الاتفاقية منذ الخمسينات بمنح استقلالية صورية لتلك الأنظمة مقابل تربية الإطارات العليا والمتوسطة لدى الدول الراعية، يعني صناعة القرار الدستوري والقانوني والثقافي عندها وبمعرفتها،
الأخطر هو إحكام السيطرة على صناعة الفكر وصناعة الجوائز والمكافآت والفلوس والمجد والولاء، لكن الجديد والأخطر قبل نهاية قرن من الاستبداد المحلي المبرمج حتى 2016 هو اختراع سابق لمفهوم الإرهاب في 2011 الذي لا تصور له في الدول الراعية إلا للأجانب وخصوصا العرب والمسلمين لأن التغيير والمحاسبة في السلطة هناك يتم وفق قوانين ديموقراطية، لقد اشتغلت مؤسسة العسكر/ السينما على ذلك بشكل سابق للأحداث، لذلك لا تستغرب أن تتهمك سلطات دول سايكس بيكو بالإرهاب دفاعا عن مصالحها،
لكن الموجع هو أن تحول سلطات بلدك أي شكل من أشكال النقد للسلطة الغاشمة إلى تهمة الإرهاب تنفيذا لاتفاقية سايكس بيكو: السلطة مقابل القمع، خذوا كل الدول العربية واحسبوا فيها كم من حاكم وصل بانتخابات شرعية وكم من حاكم غادر السلطة طبيعيا حيا ليعود إلى حياته العادية، الفهم يبدأ بالعودة إلى سايكس بيكو،