تحذير أخير لا يعجز عن فهمه إلا الحمير
أبو يعرب المرزوقي
كنت أعارض تدخل العرب عسكريا قبل حصول التحول في الرأي العام الدولي بسبب بلوغ التوحش الصهيوني والتواطؤ الصفوي مداهما الأول بالتهديم الحالي والثاني بالتهديم الذي مكن منه بما فعله في العراق وسوريا ولبنان واليمن مع ما فعله العلماء من حكام العرب.
لكن اليوم الراي العام الشعبي الدولي صار كافيا لفهم التدخل وعدم تفسيره بكونه محاولة لتصفية اليهود بل هو محاولة لحماية الشعب الفلسطيني.
والأمر ليس عسيرا: فيكفي منع طيران العدو وبحريته من مواصلة التوحش والفلسطينيون كفلاء بتعطيل ما بقي من أدواته وحتى من أدوات مساعديه العربيين وأساطيل أمريكا.
فهي أوهى من بيوت العنكبوت: يكفي منع مدها بشروط بقائها في المتوسط والأحمر وبحر العرب. والعالم كله سيفهم موقف العرب ولن يقبل من أمريكا التدخل وهي عاجزة دون التدخل.
وعجزها ثابت مترين: فهي هزمت في كل تدخلاتها في دار الإسلام حيث أضاعت اكثر من عقدين فتأخرت بالقياس لمنافسيها أي روسيا والصين وقواها مشتتة في العالم بدعوى الردع لكنها عاجزة دونه:
فحتى الحوثي يمكن أن يوقف استعمال البحر الأحمر وإيران الخليج العربي ويمكن للجزائر أن توقف المدخل الغربي للمتوسط ويمكن لتركيا أن تحول دون بقاء الأساطيل الغربية فيه بمجرد منع تزويده بالطاقة والماء والغذاء ومنع طائراته من إنجاز أي مهمة لأن التي تطير يمكن صيدها..
لذلك فلن تغامر أمريكا فتدخل العرب بل هي من سيفرض على إسرائيل إيقاف القتال. ولا احد من أوروبا له القدرة والإمكانيات التي تمكنه من المشاركة في حرب تتجاوز أسبوع على اقصى تقدير.
والدليل القاطع أنها الآن تفاوض إيران وسوريا على السيطرة على العرب في غياب العرب الذين “خنسوا”‘ تذللا و”تعقلا” بالحد الذي يترجم عن الجبن وعدم الرجولة وليس على الحكمة وحب السلام: فلا سلام تحققه العبيد والأنعام.
الدفاع عن فلسطين والعرب
ولست أقول ذلك طلبا من العرب الدفاع عن فلسطين فحسب بل عنهم هم انفسهم وهذه فرصتهم لإثبات وجودهم وسيادة أوطانهم. فإذا لم يحزم العرب أمرهم لمنع تواصل تهديم غزة والضفة فإن كل مدنهم ستكون غزات مقبلة.
فلا يعقل ألا يكون بين ملايين العسكر العرب مائة الف قادرة على الحسم في المعركة الجارية: فيكفي مائة طيار شجاع ومائة بحار شجاع وثلاثة قيادات سياسية مستعدة لفهم أن دورهم آت لا محالة إذا لم يثبتوا أنهم لا يقبلون ما يجري وأنهم يبادرون لحماية انفسهم من مصيرين:
- الأول هو ما نراه في غزة لما ينتقل إلى مدنهم إذا رفض أي منهم الأوامر الصادرة من تل أبيب إذا لا قدر الله فهزمت حماس التي لا يمكن مهما فعلت أن تتغلب على الغرب كله المجند لتعويض إسرائيل عن كل خسائرها اقتصاديا وعسكريا وحتى ديموغرافيا بالمرتزقة.
- الثاني أن يكون حصاد تضحيات حماس لصالح إيران التي ستتقاسم معها بحيل أميركية كل الوطن العربي لأن أهله تبينوا فاقدين للرجولة والشهامة والرامة.
فمن يتسابقون من العرب المنحلين على تحديث البداوة بالحلاوة في بناء ناطحات السحاب والمواخير لن ينجيهم من مصير غزة الحالي إلا المبادرة لتلقين العدو درسا يصبب مدنه بمثل ما تصاب به غزة وإلا فكل مدنهم غزات محتملة بمجرد أن ينهي أمر غزة.
وسيبدأ بلبنان وسوريا ثم يمر إلى الأردن ومصر ثم يمر إلى كل المدن الأوهى من بيوت العنكبوت في الخليج العربي: فما استاطعه الحوثي يستطيعه صهيون وصفيون مجتمعين على جثث الجيوش العربية التي لا تصلح لغير الاستعراضات وحماية الطغاة.