محمد ضيف الله
الجيش المصري مثلا أو ما كان يطلق عليه في البروبغندا الزائفة “بخير أجناد الأرض”، دخل الحروب في 56 و67 و73 وفي عقيدته، نعم في عقيدته العسكرية، أن جيش الإرهاب الصهيوني هو الجيش الذي لا يُقهر، المقاومة جاءت من خارج هذه المعادلات المدروسة والمحسوبة، وقد تحدّت جيش الإرهاب الصهيوني، وبينت أنه مجرد عصابة إرهابيين مسلحين يقومون بقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ ويقصفون المدارس والمستشفيات ودور العبادة، وهل هناك إرهابيون أكثر من هذه العصابة؟
جيش الإرهاب الصهيوني
لقد كشفت المقاومة زيف الصورة التي كان جيش الإرهاب الصهيوني حريصا على نشرها والإقناع بها، باعتبارها السور الأول لوجود الكيان الصهيوني. ولذلك استمر العدوان على غزة ليتجاوز اليوم شهرين، من أجل أن يعيد مكانته وصورته التي غرسها في الجيش المصري، وأن يعيد بناء ذلك السور الوهمي. وهو بالفعل وهم والدليل أن هذا العدوان تجاوز المدد التي استغرقتها كل العدوانات والحروب السابقة مع العرب، يكفي أن نقول بأن حرب 67 استمرت ستة أيام فقط، في مواجهة عدة جيوش عربية بما فيها الجيش المصري الذي تحكمه إلى يوم الناس هذا عقيدة، هي الخط الأمامي للدفاع عن الكيان الصهيوني. المقاومة عقيدتها التحرير الوطني.
في عام 1827، بعد أن حاصرت فرنسا الجزائر، انتبهت إلى أن سفينتين جزائريتين كانتا بميناء الإسكندرية بمصر، فخشيت منهما أن تهاجما سفنها التجارية بشرق المتوسط، فراسل الفرنسيون محمد علي باشا حاكم مصر يحذرونه ذلك، فما كان منه إلا أن غير الأعلام التي ترفعها السفن المصرية العثمانية، لتمييز السفينتين الجزائريتين عن سفنه وهو ما سهل على السفن الفرنسية مراقبتهما.
الربيع العبري
مصر أكبر دولة عربية واضح أنها اليوم في قبضة الصهاينة، والدليل أنهم هم الذين يتحكمون في معبر رفح الذي من المفترض أن لا طرف ثالث له وجود هناك غير المصريين والفلسطينيين، نعم مصر في قلب الربيع العبري. فقط يصمت من كانوا ينعتون الربيع العربي بالربيع العبري، وهم يصفقون لانقلاب قميء مثلهم، ويهنئون أنفسهم بالدخول تحت جناح الصهاينة ولا يشعرون، والمصيبة أنهم يعبرون عن ذلك باسم الوطنية بالنسبة إلى البعض وباسم القومية بالنسبة إلى آخرين.
الذين كانوا يحاربون بكل قوة الربيع العربي على أساس أنه ربيع عبري. الناصريون مثلا، صفقوا للانقلاب الذي حدث في مصر على أساس أنه أعاد عبد الناصر جديد، طيب هذا الذي كنتم تقاتلون من أجله وتحقق أليس هو نفسه الربيع العبري؟ لو بقي الربيع العربي، هل كانت حالة العرب تكون أسوأ مما نحن فيه الآن في ربيعكم؟ معناها أنكم كنتم مجرد عملاء، وبالمجان، لأنكم كنتم تتوهمون أنكم حققتم أهدافكم، فإذا بها بالضبط أهداف الصهيونية.
غزة. قال النظام العميل في مصر بأن 70% من المساعدات مصرية. هذه الجملة جديدة بأن تكتب في صحف العار عليهم حيث يصل أسماعهم أزيز الآليات الحربية ودوي القنابل في غزة، ولا تهتز لهم قصبة، ولم يوجد من بينهم حتى مجنون، لا، ويريدون بتلك الجملة أن يسجلوا نقاطا لفائدتهم، من خلال مرور المساعدات قوارير ماء وخبز ودواء وقليل من السولار، فهل يوجد أسوأ أو أرذل أو أخسأ أو أجبن ممن يريد أن يكسب من وراء مأساتهم شعبية زائفة وفضل مزيف؟ سقط القناع، وانكشفت سوءاتكم، ولسنا أغبياء حتى نصدق ممثلين فاشلين وكذابين وخونة، يريدون من وقوفهم أمام الكاميرا أن نصدق أنهم مع غزة.
شرطة الموتى..
حال شرطة عباس حال الجيوش العربية تماما، لا تتدخل كما لو أنها لا تسمع ولا ترى، بمعنى لا يهمها ما يقع في غزة. وشرطة عباس لا يهمها في ما يقع في الضفة الغربية أيضا، فبحيث سقط أكثر من 250 شهيدا منذ 7 أكتوبر، دون أن يحرك ذلك شرطة عباس، ولا شرطي واحد من بين السبعين ألف شرطي، شعر بالنغزة أو النخوة أو الغيرة أو الشهامة أو الوطنية أو ما شابه. كما لو أنهم موتى أو مخدّرون أو مسحورون، هؤلاء ماذا بقي لهم في الضفة الغربية بعد اليوم؟ هل سيحترمهم أو حتى هل سيخافهم منظوروهم من الفلسطينيين؟ الموتى.
العدو الأمريكي يبرر للعدو الصهيوني قتل المدنيين في قطاع غزة. تقول الخارجية الأمريكية: “لا نزال نتوقع سقوط مدنيين وهذا مع الأسف يحدث في الحروب”، هل هناك تبرير أوقح وأخسأ من هذا؟
الكثير يوجه أصابع الاتهام إلى حكام العرب فيما يتعلق بعدم نجدة غزة، السؤال الأهم: ماذا فعلت الشعوب العربية؟ السعوديون مثلا، المصريون مثلا، الجزائريون مثلا ماذا قدموا، هل كان السعوديون في مستوى الأرض التي تضم الحرمين الشريفين؟ هل صعب على المصريين أن يتوجهوا إلى حدود بلادهم مع غزة، ألا يوجد في مصر مائة ألف متعاطف مع غزة أي واحد بالألف من الشعب المصري؟ الشعب الجزائري هل مازال في مستوى الثورة الجزائرية التي غيرت خريطة الاستعمار في زمنها؟