من هو أبو عبيدة ؟
أحمد الغيلوفي
أبو عبيدة هو أنت، أبو عبيدة هو أنا. أبو عبيدة وجهك الذي فقدته منذ قرون. أبو عبيدة هو أنت، طفلا، تقفُ على مذبحة دير ياسين، هو أنا عاجزا أرى بيروت تُذبح، هو نحن مُقيّدون نرى بغداد تسقط بأيدي المغول، ونراهم يحرقون المكتبة والمتحف ويبولون في شارع الرشيد ولا نملك شيئا.
أبو عبيدة صيّاد يُطعمُ أولاده من مصارعة الأمواج ويطارده حرس الحدود العربي، تسجنه الأنظمة وتُسلمه لأمريكا لنُقطة سوداء في جبينهم، ثم تُعيده لتعذبه مصر حتى يعترف انه من فصيل يريد إخراج القواعد العسكرية من العراق.. أبو عبيدة هو أنت تشاهد الجيوش العربية تشارك في “ثعلب الصحراء”.. هو أنا أرى العلم “الإسرائيلي” يرفرف في القاهرة.. أبو عبيدة هو ذلك الطفل في انتفاضة الحجارة الذي امسك به جنديان صهيونيان وشرعا في تكسير يده بواسطة حجر (الفيديو لم يعد موجودا في اليوتيوب)..
لماذا لابد من أبي عبيدة؟ لأنه لابد منه. المعجزة ليست أن يوجد أبو عبيدة، المستحيل هو أن لا يكون.. في التاريخ هناك ثقافات وحضارات أنتجت في فترة ما “الفرد الإمبراطوري”، ذلك الإنسان الذي يقف ويرفع سبابته ويخطب في سوق البشر: “الحق هو هذا، والباطل ذاك، والخير هنا والشر هناك..”.
أبو عبيدة هو كل هذا، هو أنا وأنت والذين ماتوا والذين سيولدون.. هو الفرد الإمبراطوري يتحسس سلاحه ويرفض الهزيمة.. تدفعه روح عاتية عمرها قرون: يصرخ في وجهه أبو عبيدة ابن الجراح وخالد بن الوليد والقعقاع وعمرو بن العاص ومعاوية “ويحك ! قف وقاتل!” فيقول “انه لجهاد نصر أو استشهاد”.