“الصفقة الكبرى”.. هل يُحوّلُ السيسي 7 أكتوبر إلى هزيمة ؟
أحمد الغيلوفي
لنقترب من هذه “الصفقة الكبرى” علينا أن نستمع إلى السيد سمير غطاس، رئيس “منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية”.
تحويل العسكر في مصر الانتصارات إلى صفقات وهزائم ليس أمرا جديدا، لنتذكر حرب أكتوبر وصفقة السادات مع كيسنجر.
يجري الحديث هذه الأيام عن “صفقة كبرى” في الدوحة حيث يلتقي مدير السي أي أيه والموساد ومدير الاستخبارات المصرية.
لنقترب من هذه “الصفقة الكبرى” علينا أن نستمع إلى السيد سمير غطاس، رئيس “منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية”. هذا الرجل قريب جدا من الاستخبارات المصرية ومن دوائر القرار المصرية. عندما نراجع مواقفه قبل 7 أكتوبر وبعدها نجدها تتطابق مع هواجس وأهداف النظام في مصر.
ماهي الصفقة الكبرى التي تُناقَشُ في الدوحة؟
لا يمكن أن يلتقي الرجل الثاني في الولايات المتحدة مع الرجل الثاني في مصر مع رئيس الموساد من أجل إطلاق بعض الرهائن في كل أربعة أيام، ذلك تفصيل في ترتيبات أخطر. الأمر يتعلق بغزة بعد الحرب، وهنا تلتقي مصلحة النظام المصري مع “إسرائيل” مع الأمريكي: ليس من صالحهم انتصار المقاومة وبقاءها مسلحة في غزة.
يقول سمير غطاس في أكثر من مناسبة أن الصفقة الكبرى هي إيقاف الحرب وتبادل واسع للأسرى مقابل تحوّل حماس إلى حزب سياسي غير مسلح وخروج قادتها الى قطر وتركيا، أي إلغاء المقاومة لسلاحها.
هذا يعني:
- تحقيق “إسرائيل” لأهدافها التي عجزت عن تحقيقها آلتها العسكرية.
- تحقيق الولايات المتحدة للأهداف التي رمت بكل ثقلها من أجل تحقيقها.
- تحقيق النظام المصري لأهدافه التي عبر عنها منذ اليوم الأول على لسان السيسي: حين قال “على إسرائيل إنجاز المهمة في أسرع وقت”: القضاء على حماس وإخراجها من غزة. كابوس السيسي هو نفسه كابوس “إسرائيل”: قيام دولة “إخوان” -والتعبير لسمير غطاس- مسلحة على حدودهما، لذلك يُلِحُّ السيسي على “دولة فلسطينية منزوعة السلاح”.
إضافة الى أن انتصار حماس يعني، بالنسبة للأنظمة العربية، عودة بقوة “للإسلام السياسي”. إن التهديد الوجودي الذي تواجهه أنظمة التطبيع من انتصار المقاومة هو نفس التهديد الذي واجهته خلال الثورات العربية، وليس صدفة أن تُخرب الدول الخليجية الثورات وان تُطالب الآن بذبح حماس. قال ناتنياهو من اليوم الأول “اذا هُزمنا فالدور قادم على حُلفاءنا في المنطقة”، وعندما سُئل “بايدن” عن موقف الدول العربية من هدف سحق حماس قال: “هناك أمور لا استطيع البوح بها”.
هل تقبل حماس والجهاد بهذه الصفقة؟ ذلك من المستحيل، لأنه يعني تسليم رقابهم لـ “إسرائيل” وموت حقيقي للكفاح المسلح الذي هو عقيدة عندهم، ونهاية للقضية الفلسطينية: يعني تحويل 7 أكتوبر الي هزيمة.
المعادلة هي معادلة صفرية: إما انتصار الحلف العِبري أو انتصار المقاومة.
اقتراح “تنظيف السجون” أو “الكل مقابل الكل” مقابل تسليم المقاومة لسلاحها، هو مكسب غير استراتيجي مقابل هدف استراتيجي، وهذا لن تقبل به المقاومة.
مالذي في يد “الحلف العبري” لفرض الصفقة ؟
- التلويح باستئناف الحرب، وهذا ما تُلوّحُ به “إسرائيل” وأمريكا، ولكن هذا خيار ضعيف جدا: أولا اثبت فشله، وثانيا انقلاب في الرأي العالمي من الحرب.
- اخطر الأوراق هي معبر رفح: شريان الحياة الوحيد للغزاويين، وهذا ما يجعل النظام المصري يحتل مقعدا مهما في الدوحة.
- ستُلوح الولايات المتحدة وكذلك حلفاءها من العرب بإمكانية قيام دولة فلسطينية شرط -وهذا المهم- أن يقع التخلي عن السلاح، وهي خُدعة لن تنطلي إلا على عباس والنظام العربي.
ماذا في يد المقاومة ؟
- السلاح والأرض وإلتفاف الغزاويين حول المقاومة وكذلك الرأي العالمي.
- وبإمكان المقاومة أن تُراوغ فتقول “نُقيم انتخابات في الضفة والقطاع ومن يربح يقرر مصير السلاح”.
لنُلخّص الأمر: بعد فشل الالة التدميرية الصهيونية اصبح الحلف العبري في غاية من الضعف والحرج، وما يحدث الآن في الدوحة هو حرب ضروس من الضغوط والصفقات لتحقيق ما عجزت عنه “إسرائيل”. حين ييأس “الحلف العبري” من تجريد المقاومة من سلاحها سيعود الصهيوني للقتل مصحوبا بحملة إعلامية واسعة من الإعلام المصري والخليجي يُحمّل فيها المقاومة مسؤولية القتل والخراب والتجويع، وسوف يخرج عباس ليشارك في جلد المقاومة. ستكون حرب حول السلاح مماثلة تماما للحرب الكلامية اللبنانية حول سلاح حزب الله. سيكون السلاح الأخطر هو سلاح التجويع ريثما ينقلب الغزاويون على المقاومة. بعدها تُستأنف المفاوضات وسيكون العنصر الحاسم فيها مدى إلتفاف أهل غزة على المقاومة وكذلك الرأي العام العالمي.
اعتقادي ستحافظ المقاومة على سلاحها وعلى خيار الكفاح المسلح وسيخرج النظام المصري والإماراتي والسعودي والسلطة الفلسطينية وحلفاءهم أي “إسرائيل” والولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا بهزيمة عسكرية وسياسية وأخلاقية، وحينها نكون أمام توازنات جديدة فعلا في الشرق الأوسط. والاهم أمام مرحلة تاريخية جديدة تبدأ فيها تصفية الحليفين التاريخيين: الاحتلال والاستبداد.