تبادل الأسرى يعني بداية النزول من الشجرة
محمد ضيف الله
كل فلسطين..
تبادل الأسرى يعني فيما يعنيه، بداية النزول من الشجرة، لأن عمليات مثل هذه كانت تتم دائما، في كل الدنيا عبر التاريخ، بعد أن تكون الحرب قد وضعت أوزارها، وليس خلال ألقتال. وهي كما هو واضح حاجة المعتدي، وإلا لما رفض الحديث عنها عندما وصفت المقاومة بعض الأسرى لديها بأنهم ضيوف ستطلق سراحهم بمجرد إيقاف القتال، وكان ذلك سيتم بدون مقابل، وها هو يقبل اليوم تبادلهم بأسرى فلسطينيين، معناها أن المعتدي في حاجة إلى تحقيق هدف كان مصرا على تحقيقه بالقتال، فلم يفلح فجنح الى تحقيقه عبر التفاوض مع حماس التي كان يقول إن هدفه من الحرب تفكيكها، فإذا هو يعترف بها طرفا للتفاوض. أكثر من ذلك قَبِلَ إطلاق سراح فلسطينيين من القدس التي يعتبرها عاصمة أبدية له، وخروجهم هم بالذات يعني اعترافا للفلسطينيين بحقهم في القدس. وأكثر من ذلك قَبِلَ أيضا، بالتأكيد تحت اشتراط المقاومة، أن يطلق سراح فلسطينيين من داخل الخط الأخضر، أي من عرب 48، وهو اعتراف ما بعده اعتراف من الكيان بأن حالهم حال بقية الفلسطينيين، وأن فلسطين واحدة، من النهر الى البحر، وهذا خضوعا منه للمقاومة.
الذي يستطيع أن يفرض قوته في الميدان، يمكنه أن يترجمها إلى قوة في التفاوض.
معطيات الجيوبوليتيك
قطر لا تساوي شيئا على أي مقياس أمام دول مثل مصر والسعودية والجزائر، ولكنها استطاعت أن تفرض نفسها، العالم ينتظر إطلالة وزير خارجيتها، وتتناقل وسائل الإعلام تصريحاته. هذا في حد ذاته عار وتعرية لدول لم تعد لها قيمة تذكر بعد أن انقلبت معطيات الجيوبوليتيك. وبعد أن امّحت تماما صورة الجزائر التي تقود العالم الثالث وتحل الأزمات العالمية، وامّحت صورة أم الدنيا التي كان لها في الأفروآسيوية وزن ومثقال، ولم يبق للسعودية غير تنظيم موسم الحج والعمرة. كأن المال والموقع والتاريخ والديمغرافيا، لم تعد لها قيمة.
منطق القوة..
عندما تكلم عباس بعد السابع من أكتوبر، أكيد أنه قال في نفسه: ليتني ما نطقت، والدليل أنه صمت بعدها، إلا مرة أو مرتين. ولم يكن لكلامه معنى ولا تأثير، ومن أين يستمده وهو الذي وضع كل بيضه في سلة واحدة يمسكها الاحتلال، ويتحكم فيها كما يشاء. ومن الطبيعي أن لا نسمع صوته خلال وقف إطلاق النار، كأن لم يكن له شعور إزاء عائلات الأسرى المسرحين، ولا تكلم قبل ذلك عن الشهداء الذين سقطوا في الضفة ولا الآلاف ممن قبض عليهم الاحتلال. عرفات لم يقطع أبدا خيوط التواصل مع المقاومة، وهو يفاوض. شتان بينهما.
وأما المقاومة التي اعتبرها الأعداء إرهابا، وجعلوا من سحقها هدفا لهم في عدوانهم على غزة، يتفق معهم في ذلك الأمريكان والأوربيون وكل الغرب. ها هم جميعهم ينتهون إلى التفاوض معها، وحتى الخضوع إلى اشتراطاتها. منطق القوة الذي ينتصر دائما.
كرونيكور برتبة وزير..
هو وزير خارجية إيران في تحليل للوضع الحالي بغزة. بما يعكس استمرار بلاده في محاولة استغباء المتابعين من الواهمين أو ذوي النوايا الحسنة أو السذج، ظنا منه أن مجرد الكلام عن دعم المقاومة كفيل بأن يضمن لإيران الإعجاب والتأييد في صفوف العرب والمسلمين. بالتونسي الكل فايقين.
طوفان الأقصى كشف كل الخفايا، وأظهر أن أشياء كثيرة كانت مجرد أوهام، إيران مثلها مثل تركيا، لم تقدم لغزة سوى الكلام، وأما السلاح المستعمل فقد سمعنا أسماءه، صواريخ القسام، عياش 250، الياسين 105، مسيرات الزواري، عبوات شواظ. وفي الأيام الأولى كنا نسمع عن استعمال أسلحة سوفياتية (زمان) آر بي جي، وكورنيت الروسية التي يعود دخولها للخدمة إلى 25 عاما خلت. بمعنى أن الأسلحة في غالبيتها العظمى من صنع محلي، بمجهود المقاومة ومن ابتكارها وتصنيعها وتطويرها، ونعرف أن غزة مغلقة تماما برا وبحرا وجوا منذ أكثر من عشر سنوات.
هؤلاء يريدون أن يجنوا ريعا بمجرد كلام فارغ، قد ينطلي على الأغبياء ولكن الواقع يكشف زيفه، والجبن أصدق أنباء من الكذب.