مقاطعة الباحثين الإسرائيليين
عرب 48
تقرير: اتساع مقاطعة الباحثين الإسرائيليين في جامعات العالم بسبب حرب غزة
باحثون إسرائيليون:
“عالم الأكاديميات والعلوم قام ضدنا. ونشعر بمقاطعة خفية تشمل رفض قبول وتقييم مقالاتنا، ورفض مقترحات لحضور مؤتمرات في البلاد أو التوقف عن دعوة محاضرين إسرائيليين إلى مؤتمرات في خارج البلاد”.
يعبر باحثون إسرائيليون عن تخوفهم من أن المعارضة والاحتجاجات الواسعة للحرب على غزة في الأكاديميات في العالم وخاصة في الولايات المتحدة، التي توصف في إسرائيل بأنها “مظاهر العداء للسامية”، ستلحق ضررا بعملهم فيها وتمنع تقدمهم المهني، وسيضر لاحقا بمجمل مجال الأبحاث الأكاديمية في إسرائيل. “وبات مسؤولون في عالم الأبحاث في إسرائيل يرصدون براعم لنبذ باحثين إسرائيليين في عالم الأكاديميات”، وفق تقرير نشرته صحيفة “ذي ماركر”.
وقال باحث إسرائيلي لديه علاقات أكاديمية في دول أجنبية إن “عالم الأكاديميات والعلوم قام ضدنا. وباحثون شبان في إسرائيل يخافون من أن ينكلوا بهم، ويمنعونهم من الحصول على مِنح لأبحاث وأن يرفضوا التعاون معهم”.
وأضاف أنه “توجد حالات أبلغ فيها باحثون في خارج البلاد نظرائهم في البلاد بوقف التعاون معهم، ورفض نشر مقالات علمية من دون تبرير ذلك. وفي هذا الوضع ستبقى الأبحاث في إسرائيل متخلفة. ولا توفر الجامعات في البلاد إمكانيات كهذه”.
وقالت رئيسة منظمة Science Abroad، التي تساعد علماء إسرائيل بالعمل في دول أجنبية، بروفيسور ريفكا كارمي، “إننا نشعر بمقاطعة خفية تشمل رفض قبول وتقييم مقالات لباحثين إسرائيليين، ورفض مقترحات لحضور مؤتمرات في البلاد أو التوقف عن دعوة محاضرين إسرائيليين إلى مؤتمرات في خارج البلاد، وكذلك رفض باحثين فحص سيرة ذاتية لعلماء إسرائيليين من أجل تقدمهم الأكاديمي”.
يشار إلى الجامعات الإسرائيلية، وخلافا للأخلاقيات الأكاديمية وحرية التعبير، تمارس منذ بداية الحرب على غزة ملاحقة وتنكيلا شديدا ضد الطلاب العرب فيها، تصل حد الإبعاد عن الدراسة، والإدلاء بشهادات ضدهم أمام المحاكم، لمجرد أن هؤلاء الطلاب عبروا في الشبكات الاجتماعية عن حزنهم أو صدمتهم من الأعداد الهائلة للشهداء المدنيين، وخاصة الأطفال، من جراء القصف الإسرائيلي على غزة.
وحسب كارمي، فإن “جميع أجهزة التعليم العالي في العالم تستند إلى التعاون بين زملاء من دول مختلفة، وإذا كانت هناك مجموعة كبيرة من الباحثين لديهم أجندة معادية لإسرائيل، أو يخشون التعبير عن تأييد لإسرائيل، فمن شأن ذلك أن يؤثر على الأكاديمية الإسرائيلية. والأبحاث في إسرائيل متعلقة بانكشاف باحثين وأعمالهم في خارج البلاد وبمُنح الأبحاث من صناديق (تمويل) دولية. ولذلك فإن احتمال إلحاق ضرر بالأكاديمية الإسرائيلية نتيجة مقاطعة خفية كبير وليس نظريا. وهذا تخوف حقيقي”.
يشار إلى أن آلاف الباحثين الإسرائيليين يعملون في دول أجنبية، وبينهم طلاب ما بعد الدكتوراة، ويتعين عليهم الحصول على هذا التأهيل بعد حصولهم على شهادة الدكتوراة، كشرط لاستمرار تقدمهم العلمي واستيعابهم للعمل في الجامعات الإسرائيلية. وبحسب كارمي، فإن “علماءنا يواجهون تحديات صعبة في الجامعات في خارج البلاد ويعانون من مظاهر معاداة السامية، وقسم منهم يتخوفون على سلامتهم وليس على مستقبلهم العلمي فقط”.
ويعتمد التقدم العلمي للباحثين في إسرائيل على علاقات يطورونها مع نظرائهم في مجالات أبحاثهم في دول أجنبية، من خلال العثور على مؤسسة أبحاث توافق على قبولهم للتخصص في مسار ما بعد الدكتوراة، نشر مقالات مشتركة مع باحثين في دول أجنبية، ونشر مقالات في مجلات علمية رائدة، وتقديم طلبات للحصول على منح من صناديق كبرى، تتطلب مشاركة في مجموعات بحثية دولية، والحصول على تقييم زملاء في دول أجنبية من أجل التقدم في التدريج الأكاديمي.
وقال الباحث في قسم العلوم السياسية والسياسة العامة في الجامعة العبرية في القدس، بروفيسور دافيد ليفي باور، إن “قسما من المؤسسات في خارج البلاد أوقف إجراءات تقدمهم تحسبا من ألا ينجح الباحثون الإسرائيليون بالحصول على التقييمات الضرورية من أجل تقدمهم. وهذا سلوك غير أخلاقي ويتنافى مع آداب المهنة، وعلينا أن نفكر في الرد اللائق”.
وأشارت المحاضرة في قسم تخطيط المدن والقانون في التخنيون، بروفيسور راحيل ألترمان، إلى أن “احتمالات قبول باحثين إسرائيليين لبرامج ما بعد الدكتوراة في خارج البلاد تراجعت بعشرات النسب المئوية. وفي مؤسسات الولايات المتحدة سيكون من الصعب العثور على من يوافق على استيعابهم ومواجهة انتقادات، وفي أوروبا لا يوجد حضور كبير لباحثين يهود. وهذا الوضع لا يستهدف الباحثين الشبان فقط وإنما باحثين كبار أيضا الذين يعتقدون أن العلاقات التي أقاموها ستساعدهم”.
وقالت كارمي إن “حركة BDS تنشط منذ سنين في الجامعات الأميركية، لكن ما يحدث الآن أخطر بكثير مما تخيلنا. ولم نصدق أن حجم موجة معاداة السامية التي تجتاح الجامعات في الولايات المتحدة كبير ورهيب إلى هذه الدرجة. وهذا تعبير أحدث وأكبر لمعاداة إسرائيل ومعاداة الصهيونية ومعاداة السامية”.
وحسب ألترمان، فإن “كافة الجمعيات العلمية في مجال أبحاثي رفضوا إصدار بيان داعم لإسرائيل (في حربها على غزة) أو أصدروا بيانا محايدا. واليوم سويّ سياسيا في الولايات المتحدة أن تكون معاد لإسرائيل، وهذا عداء للسامية. و BDS تغلغلت دون معيق طوال سنين وألحقت ضررا بالباحثين الإسرائيليين، لكن كان من الصعب إثبات ذلك. واليوم بات إلحاق الضرر واضح”.