ماذا بعد الهدنة…؟ أحاول استبعاد هذا السؤال الموجع من ذهني
عبد الرزاق الحاج مسعود
بعد الهدنة.. أحاول استبعاد هذا السؤال الموجع من ذهني منذ يومين.
• أولا لأنني أتذوّق بكل روحي فرحة الأسرى المحررين بلقاء أهلهم وتراب أرضهم وحريتهم.. وأشاركهم التحية والعرفان لمقاومة هي الآن العلامة النضالية الوحيدة للصمود أمام نظام العالم المهيمن عليه من طرف التوحش الصهيوأمريكي الاستعماري النازي المجرم.
• ثانيا لأنني أخجل أن أحدّث نفسي بالقدرة على ما يشبه التفكير بالتوازي مع فعل التحرر الشامل الذي تحفره المقاومة في صخر التاريخ.. بمفردها.
ومع ذلك.. يلح علي السؤال لأنه يمس مصيرنا
يقيني أن الاحتلال وكفلاءه العالميين تأكدوا من حقيقة كانوا يستبعدونها تماما، وهي أن المقاومة امتلكت وسائل محو الكيان من الوجود، وأن إيقاف الحرب يعني تمكينها من التقاط أنفاسها واستئناف القتال بخطط أشد إحكاما بعد الالتحام الميداني على الأرض مع العدو لمدة 48 يوما اكتشفت فيه حقائق لم تكن لتعرفها لولا 7 أكتوبر. لذلك هم يدركون أن محو غزة لا حماس فقط شرط لاستمرار وجود الكيان. ولكن…
الأداء الأسطوري لحماس أربكهم جميعا. ولولا التدخل المباشر والسريع لرأس الاستعمار العالمي أمريكا لنجدة الكيان لشهدنا حدثا فريدا في التاريخ الحديث بفرار سكان الكيان في اتجاه دولهم الأصلية وتفكك دولة الاحتلال.
في المقابل، المقاومة نفسها كانت تراهن على رد فعل أكثر فاعلية من حلفائها الإقليميين ومن الشعوب العربية. ولكنها فوجئت بتفاعل دون ما انتظرته بكثير، مما يعني أنها ستضطر إلى مواصلة الحرب معتمدة على إمكانياتها الذاتية فقط. إمكانيات راكمتها في ظل حصار طويل.. ومتواصل.
فضلا عن أن خطاب المقاومة لم يسوّق مطلقا لهدف استراتيجي كبير في حجم إزالة الكيان لأنها تدرك أنه هدف أكبر من أن تنجزه وحدها.. رغم أنه ممكن وضروري.
المحصلة..
العدو مضطر لمواصلة الحرب والتدمير والتهجير، وقيادته السياسية مستعدة لدفع ثمن أكبر رغم الضغط الشعبي، لأنه يدرك أن وقف الحرب انتصار استراتيجي لحماس، ولكنه يخاف فعلا من أن تتعمق هزيمته أكثر بمفاجآت تعدها له مقاومة فشل في توقع إمكانياتها استخباريا. والمقاومة حتى الآن بصدد تحقيق كل أهدافها المرحلية وأكثر. وهو ما لا يمكن أن يقبل به الكيان.
لا أمتلك شجاعة توقع الخطوة الأولى بعد الهدنة، أو الخطوة التي قد تُفشل الهدنة وتعيد إطلاق الجحيم…