المخابرات التركية تنقذ مبرمج فلسطيني اخترق القبة الحديدية من اختطاف الموساد
العربي الجديد
نشرت صحيفة صباح التركية، اليوم الأربعاء، قصة إنقاذ المخابرات التركية لشاب فلسطيني من قطاع غزة يعمل مبرمجًا للحاسوب، حاول جهاز “الموساد” الإسرائيلي اختطافه في ماليزيا، بعد أن عُرف بخرقه لنظام القبة الحديدية قبل سنوات.
وأوردت الصحيفة المقربة من الحكومة التركية تفاصيل مثيرة نقلتها عن مصادر من المخابرات التركية عن قصة الشاب (عمر ز م أ)، الذي تمكن في عام 2015-2016 من اختراق القبة الحديدية لإسرائيل، وساهم ذلك بتنفيذ حركة حماس هجمات صاروخية بفترات متفاوتة، كما تقول “صباح”.
وتؤكد الصحيفة أن الشاب من مواليد عام 1991 في غزة، ودرس علوم البرمجة في الجامعة الإسلامية وتخرج منها، ونجح في إعداد برنامج تشفير لوزارة الداخلية في غزة يساهم بمنع اختراق الهواتف، ليصبح بذلك في رادار الموساد الإسرائيلي ومحاولة الإيقاع به.
وفي هذا السياق، كشفت الصحيفة “أنه في عام 2019، عُرض على عمر وظيفة من قبل شركة البرمجيات النرويجية (إي إم)، وطلبت مسؤولة الشركة التي قدمت نفسها تحت الاسم المستعار أنابيلا، من الشاب تصميم برمجة كمبيوتر وأنظمة تطبيقية”.
وأضافت: “بعد فترة ظهر شخصان يدعيان ليوناردو كوزر، ورولاند غيلز من الشركة نفسها، وطلب الشاب عمر منهما الحديث بالفيديو عبر برنامج واتساب، إلا أنهما تجنبا ذلك في كل مرة، ومع استمرار الإصرار على العرض، صرح مديرو الشركة النرويجية بأنه يمكنهم توظيفه في الفرع البلجيكي للشركة وأرسلوا تأشيرة شنغن إلى غزة، ورغم هذه الدعوة رفض عمر عرض العمل بسبب شكوكه المتزايدة”.
الصحيفة واصلت كشف قصة الشاب قائلة: “انتقل عمر إلى إسطنبول عبر القاهرة في 3 مارس/آذار 2020 للعمل رسميًا، وبدأ تدريس دورات عن بعد في برمجة الكمبيوتر والبرمجيات عبر تطبيق لينكد إن، وفي الوقت نفسه كان يُتابَع من كثب من قبل الموساد في تركيا”.
وأردفت: “الاتصال الأول نيابة عن الموساد تم من قبل عميل يدعى رائد غزال في إبريل/نيسان 2021، حيث ادعى غزال أنه مدير الموارد البشرية في شركة ثينك هاير الفرنسية، فتواصل مع عمر عبر واتساب، وعرض عليه وظيفة، وحاول تجنيد عمر في الشركة من خلال إجراء مقابلات معه وجهاً لوجه في مولات تجارية في يونيو/حزيران، وأغسطس/آب 2021، لتُنقَل مهمة الاتصال إلى شخص يدعى عمر شلبي، وهو موظف آخر في الموساد”.
وبحسب الصحيفة، فإن “هدف غزال وشلبي الوحيد كان اصطحاب الشاب إلى أوروبا ثم خطفه إلى تل أبيب. وعقد اثنان من أعضاء الموساد لقاءً عبر الهاتف مع عمر، فيما اختفى رائد غزال الذي سلّم المهمة لعميل آخر، وعرض على عمر 10 آلاف دولار مقابل كتابة برنامج تعيين وإضافة وحذف الموظفين، وفعّل البرنامج بسرعة، وأُرسِلَت هذه الأموال إلى حسابه على 3 أجزاء من شركة ثينك هاير الفرنسية، وكان الشخص الذي أرسل الأموال ضابطاً في الموساد يستخدم هوية جون فوستر المزيفة”.
وبينت الصحيفة أن “شلبي قدم عرض عمل آخر للشاب عمر، ونقل الأمر إلى نيكولا رادونيج (44 عامًا) ويحمل جواز سفر من الجبل الأسود، وذلك في يونيو/حزيران 2022، وعرض عليه البقاء في إسطنبول، مقابل راتب ثابت قدره 5200 دولار، وعرض عليه أيضاً مبلغ 20 ألف دولار للعمل اختصاصي مشروع في مصنع لذبح اللحوم في البرازيل”.
وأكدت الصحيفة أن “رادونيج ذكر للشاب أنه سيعمل مع عبد البر محمد كايا وفؤاد أسامة حجازي والمواطن المغربي يوسف دحمان في المشروع القائم عبر الإنترنت، وهم عناصر مخابرات من الموساد، وطلب منه أن يختار واحداً من هؤلاء الأشخاص للعمل معه مباشرة”.
وزادت: “طلب رادونيج من عمر إرسال جواز سفره وعنوان إقامته على الفور، وذكر جاسوس الموساد أن لديه معارف في إدارة الهجرة في إسطنبول، وأنه سيحصل على تصريح إقامة له، وكان الهدف هو الحصول على عنوان منزل عمر في إسطنبول، لأنه كان يذهب إلى الأماكن التي يعقد فيها اجتماعات من طريق تغيير ثلاث حافلات لإخفاء عنوان إقامته”.
وأصرّ رادونيج بحسب الصحيفة “على أن يأتي إلى الخارج بحجة أن الشركة في حاجة إليه، وبناءً على هذا الإصرار تدخل جهاز المخابرات التركي وحذر عمر، الذي كان يعتقد منذ فترة طويلة أنه قد يتعرض للاختطاف، ومنعه من السفر إلى الخارج”.
وواصلت الصحيفة القصة، قائلة إن “الشاب عمر قرر السفر إلى ماليزيا، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لمدة 15 يومًا في سبتمبر/أيلول 2022، فيما أصدر قسم مكافحة الاستخبارات الخارجية في المخابرات التركية في إسطنبول جميع التحذيرات اللازمة قبل السفر إلى الخارج، لأنه كان على علم سابقًا بعروض العمل المشبوهة المقدمة إلى عمر، وتم تثبيت تطبيق على هاتف عمر يرسل معلومات الموقع باستمرار إلى إسطنبول، حتى لو كان الهاتف مغلقًا في حالة الطوارئ”.
وأوضحت أنه “عندما ذهب عمر إلى ماليزيا، تحرك الموساد الذي كان ينتظره في كمين، وكان يتابع عمر عبر 3 خلايا منفصلة، بتشكيل فريق يتكون من مصادر ماليزية محلية، فيما أجبرت مجموعتان منفصلتان بقيادة امرأة، عمر على ركوب سيارة في 28 سبتمبر/أيلول 2022، من منطقة غالان ياب كوان سينغ، بالقرب من برجي بتروناس التوأمين الشهيرين في ماليزيا، واستجوبوا عمر في منزل في منطقة سيلانجور، على بعد 50 كيلومترًا من منطقة كوالالمبور الفيدرالية”.
ولفتت إلى أن “فريق الموساد عذب عمر بشدة، واستجوبه لمدة 36 ساعة عبر الفيديو مع تل أبيب، وفي أثناء الاستجواب حاول مديرو الموساد من تل أبيب معرفة كيف تمكن مبرمج الكمبيوتر الفلسطيني من اختراق القبة الحديدية، وما لغة التشفير التي استخدمها، وكيف يمكنهم إيقاف تشغيل النظام والبرنامج الذي يخترق الهواتف المحمولة التي يستخدمها المسؤولون العموميون والجنود الإسرائيليون”.
وأكدت “كذلك تساءل الموساد عما إذا كان هناك مهندسو كمبيوتر ومهندسو برمجيات ومبرمجو كمبيوتر آخرون يخوضون معه حربًا إلكترونية في إسطنبول”.
ونقلت الصحيفة أنه “فور علم جهاز المخابرات التركية بحادثة الاختطاف، أرسلت موقع الشاب الفلسطيني إلى نظرائهم في ماليزيا، مؤكدة أن الأمر عاجل للغاية”.
وبالفعل، “بعد ساعات نفذت فرق العمليات الخاصة الماليزية هجومًا مفاجئًا وأُنقِذ الشاب الفلسطيني حياً، وأصدرت محكمة الصلح في كوالالمبور مذكرة اعتقال بحق 11 شخصًا اختطفوا الشاب عمر واستجوبوه”.
وأكملت: “أُحضر عمر الذي أُنقذ نتيجة تدخل جهاز المخابرات التركي إلى تركيا، ويواصل عمله في تطوير البرمجيات، من المنزل الذي يقيم فيه، وهو منزل آمن تحت سيطرة جهاز المخابرات التركي”.
وختمت الصحيفة بالقول إنه “بحسب البحث الذي أجرته، فإن هذه ليست حالة الاختطاف الأولى للدولة الإسرائيلية في ماليزيا، وفي عام 2018 قُتل المهندس الكهربائي فادي محمد البطش، المولود في غزة، وهو أيضًا عضو في حماس، على يد سائقَي دراجات نارية يعملان لصالح الموساد في كوالالمبور”.
إسطنبول جابر عمر