هل أجهض طوفان الأقصى مخطط قمة العقبة الأمنية ؟

ليلى العود

البعض يقول لو لم تقم حركة حماس بالهجوم على كيان الاحتلال في 7 أكتوبر 2023 لما كنا نرى تلك المجازر والأعداد المهولة من الشهداء وكل ذلك الدمار في المباني والبنية التحتية لغزة.

لكن حسب متابعتي للأوضاع فإن الإحتلال كان على وشك القيام بهجوم على غزة، وقد يقول قائل وما ذريعة الصهاينة لبدء الهجوم على القطاع، فأقول في ذلك أننا تعودنا من الصهاينة عدم الاهتمام بالذرائع عند أي عدوان لهم سواء في عدوان 2012 أو في عدوان 2009/2008 (معركة الفرقان) الذي قاموا فيه بالهجوم على غزة بالرغم من وجود هدنة بينهم وبين حماس.

فالمقاومة بطوفان الأقصى أراها حسب متابعتي قد تغذت بالمشاركين في قمة العقبة الأمنية قبل أن يتعشوا بها، وهي القمة التي كانت بتاريخ 26 فيفري 2023 للتنسيق الأمني والسياسي بين الكيان الغاصب ومصر والأردن برعاية أمريكية ومشاركة وفد عن سلطة عباس.

قمة العقبة الأمنية

وزعم وزير الخارجية الأردني أن الهدف من قمة العقبة هو لوقف الإجراءات الأحادية والانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة والمسجد الأقصى وفي العديد من مدن الضفة الغربية، ولا سيما نابلس وجنين.

أما الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية فقد أعلنا أنه تم الاتفاق بينهما في القمة على اتخاذ خطوات فورية لإنهاء تصاعد أعمال العنف دون تحديد الطرف الذي يمارس العنف.

لكن ما وقع بعد هذه القمة يدل على وجود مخطط لتصفية القضية الفلسطينية وذلك باستمرار الانتهاكات ضد الفلسطينيين واقتحام المخيمات -كمخيم جنين وطول كرم-، وكثرة الاقتحامات للمسجد الأقصى والقتل اليومي وهدم البيوت دون أن تحرك الأردن أو مصر أو غيرها من الدول العربية ساكنا بل وكان عباس ينسق أمنيا مع العدو، ذلك التنسيق الذي يعتبره مقدسا، دون أن ننسى الانتهاكات التي وقعت في الأقصى ضد المصلين والمعتكفين في رمضان الماضي وبعد قمة العقبة بشهرين، وقد أكد العدو أن منع المعتكفين من الاعتكاف في الأقصى قد تقرر بموافقة الأردن، ورأينا كيف تم قطع الكهرباء عن المسجد وتحطيم النوافذ وضرب المصلين وسحلهم وإطلاق قنابل الصوت والغاز والمطاط واعتقال المئات منهم وتقييد أيادي الشباب المعتكف وتكديسهم فوق بعضهم أرضا بإذلال وغير هذا من الممارسات الإرهابية.

استنكرت المقاومة بشدة حضور السلطة الفلسطينية في قمة العقبة الأمنية واعتبرته تجاوزا وطنيا خطيرا وجريمة وطنية لا يمكن السكوت عنها وحذرت من تبعاتها.

ودعت حركة حماس السلطة الفلسطينية إلى ألا تكون شريكا في استهداف المقاومة، وأن توقف المسار غير المجدي والعبثي، وألا ترضخ للإملاءات الصهيونية والأميركية التي تسعى إلى إدامة الاحتلال.

وعقدت فصائل المقاومة اجتماعا طارئا لبحث موقفها من اجتماع المقاومة ومشاركة السلطة الفلسطينية فيه، كما خرجت مسيرات في غزة وفي مدن الضفة الغربية وفي مخيم الدهيشة للاجئين في بيت لحم للتنديد بالقمة.

أما صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية فقد قالت آنذاك إن قمة العقبة الأمنية ستناقش الخطة الأميركية لإنهاء المقاومة المسلحة في الضفة الغربية.

هذا ومن اطمئنانه على المضي قدما في مخطط تصفية القضية خرج ناتنياهو مزهوا في سبتمبر 2023 يعرض أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خريطة محيت فيها فلسطين، وتظهر حدود دولة الاحتلال لتشمل كامل الأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أظهرت الدول التي تربطها علاقات تطبيعية مع الاحتلال، أو تخوض مفاوضات بشأن ذلك، بما فيها السعودية.

وكانت المقاومة تلاحظ كل المخطط وقد قال أبو عبيدة في كلمة له خلال طوفان الأقصى أن المقاومة كانت ترى كل تلك الانتهاكات والمخططات وتشعر بالألم لما يتعرض له الأهالي في القدس وجنين وطولكرم وفي كل مكان ولكنها كانت تعد ولم ترد الفعل حتى يطمئن العدو ويعتقد أنها لا تقدر على فعل أي شيء إلى أن كان طوفان الأقصى.

وهكذا أجهض طوفان الأقصى مبادرة الصهاينة بالهجوم على القطاع والذي كنا سنشاهد معه مباغتة المقاومة والتقتيل وهدم المباني ثم تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وإكمال قطار التطبيع وصولا إلى هدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم وكل ذلك بموافقة الأنظمة المطبعة سرا وعلانية والتي تصمت مع كل عدوان صهيوني ولا ننسى كيف كانت وزيرة خارجية الكيان تسيبي ليفني تصافح في القاهرة الراحل حسني مبارك قبل يوم من الحرب على غزة في 2009/2008 (معركة الفرقان) وتلتقط معه الصور وهما يقهقهان إضافة إلى ما قاله إيهود أولمرت أن هذه الحرب على حماس كانت بموافقة الحكام العرب لذلك لا نستغرب منهم اليوم في طوفان الأقصى سكوتهم بل إن منهم من يرغب في سحق حماس حتى أكثر من العدو.

والآن يمر على طوفان الأقصى 45 يوما ولم يحقق كيان الاحتلال أهدافه من بينها سحق المقاومة وتهجير الأهالي وزرع الفتنة بينهم وبين حركة حماس إلا انهم التفوا حول مقاومتهم ورفضوا الخروج من غزة وقالوا لن تكون هناك نكبة أخرى والجنة أقرب إلينا من سيناء كما أنه لم يسترجع أسراه وهو الذي قال سنعيدهم بالقصف الجوي وبالحرب البرية وما مواصلة قصفه الهمجي والإرهابي على المدنيين إلا دليل انتقام من هزيمته المدوية في تحقيق أهدافه.

أما المقاومة فقد أنهت وللأبد مقولة الجيش الذي لا يقهر وأذلته في عقر داره لتنتقل الهزيمة النفسية عند هذا الكيان كما أحدثت انقساما حادا في الداخل الصهيوني أدى إلى المطالبة بإسقاط ناتنياهو خاصة من أهالي الأسرى لدى المقاومة.

كما دمرت حماس 288 آلية عسكرية منذ 7 أكتوبر منها 138 آلية خلال الأيام الـ 9 الأخيرة وقتلت المئات من جنود الاحتلال وكان قتل بعضهم من مسافة الصفر إضافة إلى إدارة ملف الأسرى وفق شروطها، وإلى ما أحدثه الطوفان كذلك من إحياء للقضية الفلسطينية لدى الشعوب ومن بينها الشعوب الغربية التي تتظاهر بالآلاف والتي أعلن البعض من أفرادها إسلامهم.

وسيتواصل الطوفان إلى أن يجرف هذا الكيان والمطبعين معه.

Exit mobile version