هل يُلاقي محمود عباس مصير أنطوان لحد ؟

أحمد الغيلوفي

لا يحتاج الأمر الي “نيويورك تايمز” حتى تقول لنا بان “أمين سِر منظمة التحرير قد ابلغ واشطن رغبة المنظمة في لعب دور في مرحلة ما بعد حماس”، وذلك أن المنظمة تدرك جيدا أن عملية 7 أكتوبر قد جعلت حماس والجهاد هما الحامل الوحيد للمشروع الوطني الفلسطيني، وتُدرك جيدا أيضا أن فشل “إسرائيل” في القضاء على حماس يعني انتصار المقاومة وحصول تحولات عميقة في المنطقة يجعلها تواجه مصير “جيش لبنان الجنوبي” عام 2000.

محمود عباس

أسست “إسرائيل” جيش لبنان الجنوبي بقيادة سعد حداد ثم أنطوان لحد بعد اجتياح لبنان سنة 1978: كانت تدفع رواتب عناصره وتزوده بالسلاح وكان يقوم بمهمة حراسة حدودها الشمالية: قاتل منظمة التحرير الفلسطينية وقاتل المرابطين وحركة امل والحزب الشيوعي اللبناني، ثم اصبح حزب الله عدوه الأول.
عندما هاجم حزب الله القوات ” الإسرائيلية في 1990 تولى جيش لبنان الجنوبي الدفاع عنها.

عندما انسحبت “إسرائيل” تحت ضغط المقاومة اللبنانية في 2000 انهار جيش لحد وفر عناصره الي داخل فلسطين المحتلة.

ذلك بالضبط المصير الذي ينتظر السلطة الفلسطينية: لقد وقع استنزاف منظمة التحرير في متاهات “أوسلو” ولم تجنِ منه شيئا غير تحولها الي حارس يحمي “إسرائيل” من المقاومة المسلحة: 70 الف امني في الضفة الغربية يأخذون رواتبهم من “إسرائيل” ويُنسقون امنيا معها، بدون أي أفق سياسي برغم أن حكومة الليكود ترفض نهائيا حتى المبادرة العربية التي اقترحت دولة غير ذات سيادة.

خسرت منظمة التحرير انتخابات 2006 التي تحصلت فيها حماس على 44,4% أي 72 مقعد في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي يعُد 132 مقعد، ولم تعد تستطيع الادعاء بانها “الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني” بعد 7 أكتوبر، ولقد خرجت مظاهرات في الضفة تنادي “..نحن أولاد محمد ضيف”.

لم يبق لمحمود عباس غير البحث عن الشرعية حيث وجدتها أنظمة التطبيع: خدمة “إسرائيل” وتنفيذ إرادة الأمريكان. وقد أصاب نتنياهو حين قال “انتصار حماس يهدد أصدقاءنا من العرب”. منظمة التحرير وأنظمة التطبيع تستمد وجودها وتواصلها في الحياة من دور المُناولة في حراسة “إسرائيل”. لقد التقت مصائرهم وأقدارهم بقدرها، لذلك تُسقِطُ السعودية صواريخ اليمن المتجهة الي فلسطين، ولذلك يُغلق السيسي معبر رفح وكان قد قال “على إسرائيل أن تُنهي مهمتها في اسرع وقت” (القضاء على حماس) وقال عباس “حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني”.

إن تحديد تأخير القمة العربية حتى 11/11 كان لإعطاء “إسرائيل” الوقت الكافي لذبح حماس.

لماذا انتصار المقاومة يشكل رُعبا للأنظمة العربية؟

لأنه سيُثبت الحقائق التالية:
-اذا قاومت بشراسة وإيمان ستنتصر حتى على اعتى الجيوش في العالم.
-مسارات التطبيع والاستسلام والانتظار لا تؤدي لاي نتيجة
– لا فرق بين “إسرائيل” والأنظمة العربية في القهر والقمع والقتل، وكلاهما متحالف مع الآخر.
– لا يمكن أبدا تحرير فلسطين قبل تحرير إرادة الشعب العربي من أنظمة تستمد بقاءها من حمايتها لـ “إسرائيل”.

وهناك دوما كلاب حراسة تصور دوما كل ثورة على أنها مؤامرة أو مخاطرة.
ولأني واثق من انتصار المقاومة، لأنه ببساطة قد حصل في 7 أكتوبر، ولم يستطع الاحتلال أن يحقق أي هدف بعد اكثر من شهر.

لماذا قد تحقق الانتصار؟ لان دور الثائر كدور الشاعر كما حدده هايدغر في “متاهات”: أي أن يُرينا الطريق. ولقد أرانا فِتية “قد صُنِعوا على عين الله” كما وصفهم أبو عبيدة ببلاغة العرب القُدامى، إن “الجيش الذي لا يُقهر” هو كأُذنيّ الحمار نخالهما قرنان قويان فاذا هما أجوفان واهنان… لذلك فعلى عباس أن يبحث عن مطعم صغير بأحد شوارع حيفا المحتلة…

Exit mobile version