“إسرائيل” عقدة الغرب
سامي براهم
لماذا يساند الغرب دولة الاحتلال الصّهيوني دون قيد أو شرط مهما ارتكب من جرائم بشعة في حقّ الفلسطينيين بينما يندّد بشدّة بكلّ تحرّك مقاوم للاحتلال وجرائمه وينحاز للجلّاد ضدّ الضحيّة؟
الجواب بسيط لكنّه عميق في ضمير الغرب المثقل باضطهاد اليهود طيلة قرون على امتداد قارّة أوروبا…
اللّاساميّة التي يرمون بها مقاومي الاحتلال وضحاياه كانت سياسة ممنهجة ضدّ اليهود وثقافة سائدة وعقيدة دينيّة للكنيسة الكاثوليكيّة والبروتستانتية على حدّ سواء “كتاب مارتن لوثر زعيم الإصلاح الدّيني الموسوم بـ عن اليهود وأكاذيبهم مشحون بأقذع الأوصاف في حقّ اليهود حيث وصفهم ببراز الشّيطان والدّيدان السامّة وأبناء الزّنا ودعا بشكل صريح لاضطهادهم وقتلهم وحرق معابدهم ومدارسهم ومصادرة ممتلكاتهم…”.
ما ارتكبه هتلر في حقّ اليهود لم يكن عملا فرديّا معزولا لحاكم نازيّ مجنون متعطّش للدّماء بل تجسيدا للوجدان الأوروبي والغربي عموما المعادي لليهود…
بعد سقوط النّازيّة وقيام الحركة الصّهيونيّة التي وظّفت مظلوميّة اليهود لتحقيق حلم الدّولة اليهوديّة التي تجمع شتات اليهود في العالم لم يكن أمام الغرب للتّكفير عن خطيئة اضطهاده الممنهج لليهود والتخفّف من عقدة الذّنب إلّا مساندة مشروع احتلال فلسطين وتهجير أهلها وسكّانها الأصليين والدّعم غير المشروط لقيام دولة الكيان الصّهيوني على أرضهم للترضية وجبر الخواطر…
دولة الكيان الإسرائيلي المزروع في فلسطين خطّ أحمر في ضمير الغرب لأنها تذكّره بوجهه القبيح وجرائمه البشعة التي يداريها بمساندة ضحيّته التّاريخيّة حتّى لو أدّى ذلك إلى ارتكاب ضحيّته بحقّ من احتلّ بلادهم نفس الجرائم التي ارتكبت في حقّه سابقا …