صالح التيزاوي
أولاد القديمة ومن لفّ لفّها، يريدون العودة إلى “الزّمن الجميل”، زمن “ڨافلة تسير”، و”يا سيّد لسياد” ،و”بالرّوح والدّم نفديك يا بورڨيبة”، وبعد “التْحوّل”، ظهرت “صبّة جديدة” من التابعين بشّعارات جديدة، “إللّه.. أحد وبن على ماكيفو حد”، وشعار صحافة عبد الوهاب عبد اللّه “تكريس الحقوق في بعدها الكوني والشّمولي” وهي، لا حقوق سياسيّة ولا اجتماعيّة، ولا إنسانيْة ولا كونيّة، ولا هم يحزنون. لم تتخلّف المنظّمة الشّغيلة عن الإنخراط في جوقة المناشدين بشعار “معا لرفع التّحدّيات”، طبعا مع صانع التّغيير، ثمّ أصبحت مهمّتها، لاحقا بعد الثّورة “قطع الأنفاس”.
يبدو أنّ مزيجا من هؤلاء مازال يحنّ إلى تلك المراحل وما زالوا يلتفتون إلى الوراء حتّى التوت أعناقهم، مرّة تحت عنوان “نوستالجيا الرّياضة” ومرّة أخرى من خلال برامج تحمل عنوان “الزّمن الجميل”.
هذا الزّحف الممنهج، أزعج جماعة “تصحيح المسار”، ورأوا فيه عدوانا غاشما على “زمن السّعادة”!! زمن الصّفوف… كلّ أنواع الصّفوف عشناها، صفوف السّكر والحليب والسّميد وآخرها الخبز. إن كانت هذه سعادة، فكيف يكون الشّقاء؟
القاسم المشترك بين “الزمنين” (الجميل و السّعيد)، القفز على عشريّة “الإنتقال الدّيمقراطي”، ورغم أنّ فيها الكثير الذي يقال، وعليها الكثير من المآخذ، حيث اقتصر الإنتقال على الذّهاب إلى صناديق الإقتراع ووفرة في الحقوق والحرّيّات إلى حدّ التّخمة والفوضى، فكانت ديمقراطيّة عقيمة بلا أفق اجتماعي واقتصادي. إلّا أنّها، كانت خالية من لغة التّمجيد وهستيريا المناشدة، ومن الإنتهاكات الجسيمة للحقوق والحرّيّات، وشهدت صفوفا على مراكز الإقتراع، وانخراطا في الشأن العام، وزيادات منتظمة في الأجور ومنحا خصوصيّة، أرهقت الماليّة العموميّة.
وبينما حرب حنين الأزمنة مستعرة على أشدّها (بدل البرامج والأفكار) يمضي الزّمان، ساخرا من الجميع، وهم غارقون في أحلامهم و”من نام لم تنتظره الحياة”.