كمال الشارني
ما أسوأ أن تعيش في وطن تذهب فيه إلى السلطة وأنت لا تعرف لماذا،
“هل يكون المرسوم 54 وراء استدعاء محمد الحامدي؟” أو بقانون الإرهاب، إلى الفرقة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب في أبي شوشة؟ مجرد التساؤل موجع من كل النواحي: هذا الغموض الذي نواجهه كمواطنين في علاقتنا بآلة السلطة الصماء التي تأخذ كل مرة واحدا منا لترحيه على طريقة فيلم حرب العوالم “War of the Worlds” دون أي منطق أو معنى وفق ما قال عمي الراجل الواصل: “خليهم يمشوا ويجوا على التحقيق”، أية علاقة جنونية مفترضة لرجل محترم مثل محمد الحامدي بالإرهاب؟
من حيث منطق الحقوق الإنسانية الدنيا التي أمضت عليها دولتنا، فإن السلطة حين تستدعيك، مطالبة ببيان السبب ومراجعه القانونية، أنت سوف تترك عملك ومصالحك وحريتك وتذهب إليها، ويجب أن يكون السبب واضحا ووجيها وأن لا يتحمل أي خطأ، ومن الوجاهة أيضا أن أرفض الذهاب إليك إذا لم تقدم لي السبب ولم يكن وجيها، لأنه يفترض أن عندي ما أفعله في حياتي غير العبث معك.
وإذا كان صديقنا محمد الحامدي شخصا معروفا ووجيها ويحظى باحترام وتعاطف الآلاف من الناس فإن عشرات آخرين قد أكلتهم الآلة الصماء في صمت، من أقاصي الجنوب إلى العوينة يقترضون كلفة النقل والإقامة تحت شعار “كان ما عملت شيء، توه تروح، ما عندك مناش تخاف”.
لا نخاف منك خويا، مجرد الاستدعاء هو مدعاة للخوف والتوجس منك، مجرد أن أخصص لك وقتا هو مدعاة للخوف منك لأني لم أعد أثق بك ولا بعدالتك منذ أن رأيت أناسا عقلاء في السجن دون تهمة منذ أربعة أشهر، أنت قوي وغير قابل للمساءلة ولا المحاسبة، وأنا ضعيف هش، أنت المطرقة وأنا المسمار، ما أسوأ أن تعيش في وطن تذهب فيه إلى السلطة وأنت لا تعرف لماذا، لا يعرف أبناؤك وأمك وأبوك إذا كنت ستعود أم ستختفي، إذا ما عملت شيء توه تروح، بعد ثلاثة أشهر؟ نصف عام؟ المسألة بالرؤية أو المزاج أو الله أعلم.