الحياة لا يمكن أن تكون كابوسا
كمال الشارني
أن يقوم الإنسان في صباح يوم عادي، فيجد نفسه في السجن لأيام أو لأشهر، ربما لعامين ثم يقال له: “بره روح، لم نجد عليك شيئا”،
هي صورة كافكاوية لعالم بائس، يفترض أنها في رواية “المحاكمة” للكاتب فرانز كافكا رائد الواقعية العجائبية في الأدب أو ما يسمى الكتابة الكابوسية cauchemardesque، أي أن تجد نفسك في مأزق سريالي حيث لا أحد يفسر لك أسباب المحنة التي تحدث لك، سماها النقاد وعلماء النفس بأنها حالة “تقبل فيها بالوضع غير القابل للمنطق وبإيقاظ شعور الذنب المعد سلفاً والمصادق عليه من جهات عدة وجدت لتشتغل على حضوره من دون أي منطق، ذلك أنه ما من منطق أساساً لوجود هذا الذنب، وأنت لم ترتكب شيئاً يستدعيه”، هنا أتذكر تلك الحيوانات البشرية التي تقول بفم معوج: “كان ما عمل شيء توه يروح”، أي هاو روح،
يذكرني هذا بأحد أفلام النجمين محمود ياسين ونجلاء فتحي، حيث أبوها في القصة موظف بسيط يتم إيقافه خطأ بتهمة اغتيال وزير الحربية الذي في الحقيقة سكر حتى خرج من عقله وضاع عن حراسه، عاد الرجل المسكين من فرط التعذيب، ظل بعد أن أفرجوا عنه يصرخ في البيت بطريقة مسرحية: “أنا قتلت وزير الحربية”،
أما خويا، هذا هواجس فرانز كافكا الروائية، اللعنة، الحياة لا يمكن أن تكون كابوسا مزعجا، إن تحولت الحياة إلى cauchemar، حلم مزعج واقعي حقيقي بلا مبرر، فلماذا نعيش هذه الحياة أصلا؟ ماذا نفعل هنا؟