قراءة جزئية في خريطة الانتخابات الأخيرة

محمد ضيف الله

تتذكرون ما أتاحته انتخابات 2011 و2014 و2019 من معطيات شكلت الأساس لقراءة الخريطة الانتخابية والحزبية في تونس، وما طرأ عليها بين الاستحقاقات الثلاثة من تغيرات. هذا الأمر لم يعد متاحا بعد 25، وها أنكم ترون أنه بعد أكثر من أربعة أشهر من الدور الثاني لانتخابات برلمان 25، لم ينشر عنها ما يمكن أن يفيد الدارسين أو السياسيين أو حتى المعنيين.

صحيح هي انتخابات قاطعتها كل الأحزاب الوازنة، ولكن على أية حال كان يمكن أن تفيدنا حتى عما بقي من أحزاب، وعلى رأسها حركة الشعب. بالنسبة إلى حركة الشعب، لم نعرف وربما هي نفسها لم تعرف العدد الحقيقي لممثليها في المجلس إلا عند تشكيل الكتل البرلمانية، فقد قالت في الأيام الأولى إن عددهم 31، ولم ينتخب مرشحها لرئاسة المجلس إلا 21، فظننا أنهم العدد الفعلي لنوابها، فإذا بهم في آخر المطاف 11 فقط، وهو عدد لم يسمح لها بتكوين كتلة خاصة بها إلا بعد استقطاب اثنين من المستقلين واثنين من الوطد فاز أحدهما برئاسة كتلتها.

بطبيعة الحال هذا العدد المتواضع لا يعني أن حركة الشعب ترشحت في الحد الأدنى من الدوائر، وإنما هي أعلنت أنها ترشحت في 120 دائرة، والنتيجة في الأخير أنها فازت بأقل من 01 على 10 من عدد مرشحيها.

للتذكير فإنه كان قد صوّت لها في انتخابات 2019: حوالي 129 ألف ناخب أي 1.8% من مجموع الناخبين المسجلين وفازت ب15 مقعدا. والأكيد أن هذه الأرقام تراجعت في الانتخابات الأخيرة التي دخلتها الحركة لوحدها تقريبا من بين الأحزاب، إذ لم يصوت لها فيها إلا حوالي 71 ألف ناخب، وبذلك فقدت بين 2019 و2023 حوالي 58 ألف ناخب، أي حوالي 45% من ناخبيها. وهو ما جعلها تنزل إلى 0.7% من مجموع الناخبين المسجلين.

ما يمكن أن نلاحظه بالنسبة إلى الأحد عشر نائبا لحركة الشعب، أننا نجد من بينهم واحدا ترشح آليا في دائرة بني خداش، إذ لم ينافسه على المقعد أحد، وكان يكفيه صوته لينجح. وهو ما يخفض من وزنه الانتخابي ووزن حركته في تلك الدائرة.

إلى جانب ذلك يمكن أن نلاحظ:

لم تتمكن حركة الشعب من تعويض ولو جزئي للفراغ الذي تركته الأحزاب الوازنة والتي كانت تشكل المشهد الحزبي والسياسي في البلاد، بل أن ما نلاحظه أن الحركة نفسها قد تراجعت عما كانت عليه قبل 25، بسبب ما نالها من أضرار جراء ما تتعرض له الأحزاب من استهداف المنظومة الحاكمة، بقطع النظر إن كانت في المعارضة أم في الموالاة كما هو شأن حركة الشعب.

ملاحظة: صدر هذا المقال أولا بجريدة الزراع الإلكترونية الغراء بتاريخ 4 جوان 2023.

Exit mobile version