إسلام حمزة
أُقيمت ندوة دوليّة دفاعا عن إستقلاليّة القضاء.. ورغم توصّلي بدعوة رسميّة وإصرار عدد من الأصدقاء بش نكون موجودة.. لكنّي بعد الإطّلاع على برنامج النّدوة وعدد من منظّميها.. وإلى حدود سماع الافتتاحيّة الفرنكوفونيّة متاعهم عالصباح.. مانجمتش نغصّب على روحي ونلتحق بالنّدوة.. وخيّرت مُواكبتها عن بعد..
الحقيقة الأجواء أذيكة متاع “المشتمع” المدني والمنظمات الحقوقية.. متاع الصّالونات والوتلة تخنقني.. ما نجمهمش ونحس بالغربة بينهم.. عدد لابأس به منهم يتعامل مع الحقوق كأصل تجاري ويتحرّك وقت تتحرّك مؤسسات التّعاون والتّمويل الدّولي.. أو تتضرب مصالحهم.. أو تتمسّ ناسهم إلّي في حد تقديرهم يشبهولهم.. مانجمش ومانحبش نكون في وسطهم.. لا نجم نتعامل معاهم عادي بتلقائيّة ولا نجم نعبّر عن موقفي منهم ونخرّج إلي في مكنوني.. فئة منهم معروفين سنوات يسترزقوا من كل أشكال النّشاط في مجال حقوق الإنسان.. وفما “مناظر” حاضرة ومتصدرة كان لي معها نقاشات وعركات خُضتها إثر الإنقلاب على الشرعيّة والدّستور واكتشفت عوراتهم وبشاعتهم.. ومجرّد سماع أصواتهم المُفعمة بالنّفاق تفقعلي مرارتي..
زعمة يا إسلام موش كثّرتلها من الحساسيّة والتجنّي عليهم!!.. لا.. برشة من النّاس هذي وقت حكت الركب ظهرت أمراضهم الإيديولوجيّة والاستئصاليّة.. ولا أخفيكم رغم التحسّن الملحوظ وتزحزح المواقف مزالت الريحة موش عاجبتني.. بالنّسبة ليا الإختبار كان لحظة إستهداف نوّاب إئتلاف الكرامة وجرّهم أمام المحاكم العسكريّة والتّنكيل بهم مباشرة إثر التحوّل المبارك ليلة 25 جويلية.. هذا إلى جانب صمتهم المتواطئ عند استهداف صحفييّن ونشطاء موش من جماعتهم.. فالمدافع عن الدّيمقراطية والحرّيات يُدافع عن حقّ العدو قبل الحبيب.. وحدة من النّاس عمري ما إدعيت الإنتماء لجماعة حقوق الإنسان ولا لجماعة النّضال.. ولطالما عبّرت وكرّرت أني إمرأة تونسية عاديّة قلبها حار وما تحملش الظّلم.. زيد الأقدار والإنسحاب المفاجئ للنّاشطين والفاعلين حطتني في هذا الطّريق.. رميت روحي في وسط ناس ما نعرفهمش.. وللشّهادة لم يكن الأمر يسيرا.. من جهة لم أشعر يوما أنّهم تقبّلوني برحابة بينهم وكان منهم من لا يجد حرجا في الإرتياب من تواجدي وحتى محاولة إستبعادي وضرب مصداقيّتي.. ومن جهة أخرى جماعة “المشتمع” المدني ومن لفّ لفّهم إعتبروني بارشوك ووصموني بما ليس فيا.. المشهد معقد جدّا ولا يمكن توصيفه في حدود مجال الخير والشر.. الدّيمقراطيون المبدئيون موجودين مع هاذم ومع هاذم.. ولكي لا أكون متجنيّة.. عدد كبير ممن حضر ندوة اليوم لا يمكن المزايدة عليهم وعلى مسيرتهم النّضالية..
خلاصة المسألة إلتحاق الناس هذي بصفوف معارضة الإنفراد بالسّلطة وخرق الحقوق والحرّيات أمر في مُجمله إيجابيّ.. وفي تقديري التّعاون والتّنسيق معهم ضروري للخروج من هذه المحنة.. فمفاتيح الدّولة العميقة والإعلام والمجتمع الدّولي ومجموعات الضغط كلّها عندهم.. أما الثّقة فيهم فمنعدمة للأسف.. ولازلت أعتبرهم سببا من أسباب السقّوط.. لذلك عندما يحين أوان الإصلاح والبناء لا أرى لهم مكانا أو على الأقل لابد من تحجيمهم وفتح باب تجديد النّخب الذي أُغلق منذ أكثر من خمسين سنة حيث سطت عليه مجموعات لنفسها وأورثته لأبنائها إلى حدود اللّحظة الرّاهنة وأغلقت الباب وراءها..
*بربي أصدقائي وزملائي إلّي يعرفوا رواحهم وحضروا ندوة اليوم ما تتغششوش منّي فلستم معنييّن بالتّوصيف..