ما بني على باطل فهو باطل
تسنيم الخريجي
أسمع وأشاهد باستغراب شديد الاتهامات التي تحاول الأجهزة الرسمية إلصاقها باسمي والمصطلحات المستعملة ضمن حملة تسويق “المحجوز” ومحاولات تقنين وتبرير استهدافي المجاني قصد تشويه سمعتي. إنكم لن تقنعوا أحدا أن هذا ليس استهدافا سياسيا لابنة شخص سياسي.
راشد الغنوشي عندكم بعد أن صنعتم له عشر قضايا واهية ولا زلتم مواصلين. تجرأتم على سجن زعيم ومفكر وسياسي في العقد التاسع من عمره بملفات فارغة، فلا استغرب ان يصل بكم الامر الى استهداف ابنته واستباحة بيتها وخصوصياتها وسمعتها.
تؤكدون انه بإذن قانوني دخلتم بيتي في غيابي ووثقتم “محجوزكم” بالصوت والصورة. أي عالم مواز هذا الذي تتحدثون فيه عن إجراءات “سليمة” و”قانونية”، في حين أنكم جعلتم القانون أداة لتلفيق التهم، أداة طيعة للسلطة؟ كيف تقنعون أي عقل سليم أن كل السلطات مجتمعة عند جهة واحدة تؤلف وتصور وتوثق وتصنع أفلاما وتحيل عل النيابة وتسوق التهم الجاهزة إعلاميا هو عين القانون؟ أية بطولة وأية إنجازات! هذه هرسلة وتشويه متعمد لمواطنة كل ذنبها أن والدها رجل سياسي، سُجن بتصريح في ندوة، في ملف لا يعتمد إلا على فيديو مقتطع ومفبرك. ولأن هذا لا يشفي غليل من كان يتمنى أن يُسجن راشد الغنوشي من اجل تهم أخرى يكيلها له خصومه، قررتم استكمال ما لم تنجحوا في إثباته بتفتيش بيته آنفا، وذلك بالتوجه نحو بيت ابنته وفبركة مسرحية تسمح بتوجيه الأمور في اتجاه يرضي الحقد ويشفي الغليل. خاب مسعاكم.
لم يكفكم أن تستبيحوا بيتي بشبهات لا أساس لها إلا شعبويتكم (يجب أن نجد أموالا طائلة ونجد سبائك ويجب أن نلقي عظما تمشمشه المجموعات الناهشة)، حولتم بيتي مسرحا لعبثكم تصورون فيه مسرحية وتحتفظون الى حد الساعة بمفاتيح بيتي الذي غيرتم قفله. هذا أيضا قانوني تماما! لسان حالكم يقول: الآن وجدناها! الصوت والصورة سيساعدان على تثبيت اتهاماتنا! صوتكم وصورتكم لا قيمة لهما في ظل الخروقات الكثيرة التي تبررونها لأنفسكم دون أي رادع ولا رقيب وفي ظل تكرر هذه الممارسات ضد من تعتبرونهم خصوما.
لا أساس قانوني صحيح لاستهدافي واستهداف بيتي بالتفتيش حتى يصبح بيتي مستباحا لصوركم وجعله مسرحا لأمانيكم بالعثور على صيد ثمين. ليس هناك أي أساس صحيح لما تبنون من سيناريوهات لا من ناحية المضمون ولا من ناحية الشكل قانونا وما بني على باطل فهو باطل.
تنطلقون لا من حقي الطبيعي في أن اعتبر بريئة من أي تهمة حتى يثبت العكس بل من رغبة محمومة في تلفيق تهم “تتعلق بالأمن القومي”. تصنعون مسرحيتكم ثم تهرولون الى الإعلام لترويج الاتهامات معلنين انه قد حُجزت أشياء “تهدد الأمن القومي” في بيتي. أشياء مثل ماذا يا ترى؟ علب زينتي؟ أوراقي ودفاتر التدريس؟ واجبات طلبتي؟ تلخيصات محاضرات وندوات؟ موجزات الكتب اللي أقرؤها؟ دفاتر أبنائي المدرسية لآخر السنة وشهائد التميز؟ صوري الشخصية؟ ملابسي؟ محتويات مطبخي؟ ذكرياتي؟ ألعاب أولادي وآلاتهم الموسيقية؟ مجموعة طوابعي البريدية التي اجمعها منذ سن العاشرة؟ أحاول أن أتذكر أي منها تحديدا “يتعلق بالأمن” غير ربما وصفات الطبخ في مطبخي التي قد تمس الأمن الغذائي لزوجي وأولادي أو أدوية تتعلق بأمنهم الصحي أو ربما ألعابهم التي تتعلق بأمنهم النفسي.
ما استنتجه الآن هو أن أي مواطن يمكن أن يصبح موضوعا لأهوائكم ما دمتم تمسكون كل السلط! لا تقلق يا هذا سنبرر كل شيء! نحن القانون! هذا ما تحدثون به أنفسكم على ما أرى. في الحقيقة تنتفي شروط العدالة في ظل هذا الوضع ويصبح الإنسان عرضة للجور: ما هي ضمانات أنكم لم تكونوا قد وضعتم بعض الأشياء تصورونها كإثباتات لإدانتي، ما هي ضمانات أن القانون وروح العدالة محترمان حقا؟ هي غائبة تماما.
القانون ليس شكلا بل هو مبادئ وروح تحمي المواطن من جور السلطة ومن تجنيها على الناس، وفي غياب ضمانات من اجل تحقق ذلك ليس القانون الذي تذكرون الا مطية لشهواتكم، لا تتورعون عن دوسه بالارجل وعن تطويعه دون رادع ولا رقيب لهرسلة “ما يتعلق” بمن تعتبرونهم خصومكم السياسيين.