تدوينات تونسية

الذكاء الصناعي والكسل الذهني في الصحافة وغيرها من المهن

كمال الشارني 

أنا مللت من حكاية الذكاء الصناعي وقدرة الـ GPT على إنهاء الكثير من المهن خصوصا الصحفيين،

باهي، وقع حادث شنيع حاشاكم أو أي كارثة طبيعية أو من صنع البشر، هل سيقوم الحاسوب المحمول تحت أوامر الـ GPT بامتطاء دراجة فسبا للذهاب إلى مكان الحادث والتقاط صور واختيار الشهود وزاوية التناول والمعالجة لنقلها إلى الرأي العام؟ هل لدى الحاسوب قدرة على إعطاء معنى لما يحدث لنا يوميا من أشياء تبدو عادية فيما هي تصنع المستقبل؟

بالنسبة لي، صحفيا ومبرمجا باللغات الأصلية للإعلامية (C وبناتها، , PHP, Asp، Visuel Basic… et les languages de script)، نشأ الذكاء الإلكتروني مع نهاية الجيل الأول من محركات البحث وإنشاء محرك غوغل في 1996 وظهور les robots الجبارة التي تستغل أي كليك من حاسوبك لتعرف عنك كل شيء وتتنبأ بما تريد، قبل ذلك، مكنت التجارب المخبرية من إنشاء حاسوب DEEP BLUE الذي تمكن من قهر أمهر لاعبي الشطرنج في العالم بصفتها اللعبة الأكثر تطلبا للذكاء البشري والقدرة على التوقع بحساب الاحتمالات ورد الفعل المسبق وهو أقصى ما يمكن أن يحلم به الذكاء البشري، بعد ذلك، أجريت تجارب على حواسيب بإمكانها إتمام رواية بدأها روائي حقيقي باختلاق تطورات درامية ونهايات مقنعة على أساس أنه إبداع، لكن ولا واحدة من هذه الروايات الاصطناعية نجحت، لأن كل ذلك لا يضاهي أبدا “الهبلة البشرية” القادرة على الإتيان بما هو غير متوقع ومذهل تحت تأثير العاطفة أو اليأس مثلا، الذكاء الصناعي ليس سوى حاسبة calculatrice أكثر تطورا وسرعة وقدرة على حساب الاحتمالات التي هي قلب البرمجة منذ محمد بن موسى الخوارزمي ثم بلاز باسكال حول الـ Probabilities،

إلى أين يمكن أن يصل الذكاء الصناعي؟ إلى جعل الكثير من المهن تندثر لخلق مهن أكثر ذكاء ودقة وإنسانية وخصوصا إلى التضييق على البطالة الفكرية وعلى هؤلاء الذين يتمعشون من الولاء والقوادة والكسل الذهني في الصحافة وغيرها من المهن، بدل المطالعة وتطوير مهاراتهم وانفتاح أذهانهم على العلوم والفنون والموسيقى والفلسفة التي تقف وراء كل عملية برمجة إعلامية، يعني واحد لم يقرأ كتابا منذ أن تخرج من الجامعة يريد أن ينافس الذكاء الصناعي؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock