نور الدين الغيلوفي
هو محمّد النبيّ المدعّم بالسماء قال:
“إنّما بُعثتُ لأتمّم مكارمَ الأخلاق” ولم يدّع، رغم السماء، أنّه آت بما لم تستطعه الأوائل، فكيف يسمح امرؤ عاديٌّ عاقل لنفسه بأن يدّعيَ ما ليس له؟
رصيده من التعابير فقيرٌ جدّا، يمكنك أن تجمعه كلَّه، من ألفه إلى يائه، في صفحة واحدة مع احتساب التكرار. وهو كلّه، بلا استثناء، مردود، بالعقل البسيط، عليه.
لنأخذ مثلا عبارة
“يتكالبون على السلطة”
يقولها في الذين بفضلهم خرج من العتمة وصار علَمًا، جميع هؤلاء الذين يهاجمهم ذوو فضل عليه، أمّا هو فلا فضل له على أحد.
ولولا “تكالبهم” على السلطة هل كان هو سيصل إلى السلطة؟ لمّا “تكالبوا” أغراه تكالُبهم فتكالب تكالُبَهم وفاز عليهم بالكرسيّ الذي تكالبوا جميعا عليه،
وجاءه منافسوه المتكالبون لتهنئته،
واستقبله منافسوه الذين تكالبوا معه وأجازوه.
ثمّ بعد ذلك راح يعيّرهم بالتكالب !
رغم فضلهم عليه يصرّ على أذاهم بمهاجمتهم ونعتهم بأقذع النعوت ووصفهم بأرذل الصفات،
أليس في ذلك تكالبٌ منه هو على السلطة ورغبة في الانفراد بها بقيّة عمره؟
أليس الحاكم أكثر تكالبا على السلطة من معارضيه؟
أليسوا يتحرّكون عُزَّلًا بينما يتحرّك هو مدجَّجا بأسلحة الدولة؟
ثم تعال معي إلى التكالب نشرحه:
هم تكالبوا وقد علموا، وهو تكالب ولم يعلَمْ
تكالبوا وقد عملوا، وتكالب هو ولم يعمل
تكالبوا وقد ناضلوا، وتكالب ولم يناضل
تكالبوا وقد شُرّدوا، وتكالب ولم يُشرَّد
تكالبوا وقد عُذّبوا، وتكالب هو ولم يُعَذَّب
تكالبوا وقد جُوّعوا، وتكالب ولم يُجوَّعْ
تكالبوا وقد هوجموا، وتكالب ولم يهاجَمْ
تكالبوا وقد قدّموا لأنفسهم، وتكالب هو ولم يقدَّم بين التاريخ شيئا يشهد له.
فمن ذا الذي يصدق عليه التكالب من الطرفين؟