هيئة الدّفاع عن القادة السياسيّين المعتقلين
تونس في 9 أفريل 2023،
تابعت هيئة الدّفاع عن القادة السياسيّين المُعتقلين في إطار “قضية التآمر” بإستغراب شديد تصريحات رئيس الجمهوريّة التي أدلى بها يوم 06 أفريل 2023 خلال زيارته لمدينة المنستير و التي قال فيها متحدّثا عن المعتقلين السياسيين أن “أياديهم ملطّخة بالدّماء”.
وإذ تذكّر الهيئة بأن هذه التّصريحات ليست الأولى من نوعها في خصوص هذه القضيّة بل سبق له أن قال بأن “إدانة المورّطين في هذه القضيّة ثابتة حتى قبل أن تنطق بها المحاكم”، كما أنه هدّد في مناسبة أخرى القضاة المتعهدين بهذا الملف قائلا “ومن يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم”، و توعّد أيضا في تصريح آخر مماثل كل من يفرج عنهم….، دون أن ننسى أنّه لم يُفوّت فرصة إلا وعمد إلى تشويه المنوّبين و وصفهم بالعملاء والخونة والمجرمين …إلخ.
وحيث تردّ الهيئة على كل هذه التّصريحات كما يلي:
1. لا وجود في ملف التآمر لقتيل أو جريح حتى نتحدّث عن أيد ملوّثة بالدّماء ولعل الجثّة الوحيدة التي يمكن الحديث عنها هي جثّة “العدالة” التي ذُبحت من الوريد إلى الوريد، إذ تمّ تدمير مرفق القضاء من خلال إصدار مراسيم جديدة مكنت السّلطة التنفيذيّة من التحكّم في المسار المهني للقاضي و حتى من عزله إذا غضبت عليه.
2. ليس من حق رئيس الدّولة و لا من صلاحياته التدخّل في الملفّات القضائية، والتأثير على قرارات القضاة المتعهدين بها، بعد أن عزل الكثير منهم بلا ذنب اقترفوه وبعد أن حلّ مجلسهم الشرعي وحوّل القضاء من سلطة إلى وظيفة عاملا على تدجين القضاة بالكامل وتطويعهم لتنفيذ تعليماته وتصفية خصومه السياسيّين.
3. يبقى ملف “التآمر” ملفّا فارغًا يفتقد إلى أدنى دليل أو قرينة تُثبت إدانة المنوّبين أو تبرّر اتهامهم بارتكاب جريمة إرهابية، فلا وجود لخطة لقلب نظام الحكم، ولا وجود لتحضير لتفجير أو تدمير، ولا وجود لأسلحة أو محاولة اغتيال ولا أي جريمة أخرى من الجرائم الإرهابية، وحتى ما سمي بتهمة “التّخابر مع دبلوماسيين أجانب”، نسفتها النّيابة العمومية عندما نزّهت كلّ الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين في تونس عن مخالفة القوانين، وتبقى هذه القضيّة قضية سياسيّة بإمتياز تهدف بكل بساطة إلى تصفية المعارضة السياسيّة و استدامة السّلطة بيد من يحكم اليوم.
4. إجراءات هذه القضيّة بعيدة كل البعد عن المعايير الدوليّة للمحاكمة العادلة وليس فيها أي احترام لحق الدّفاع، ولا تتوفّر في الوقت الحاضر أي ضمانة من ضمانات استقلال القضاء، وبالتّالي فإن عبارة “دعوا القضاء يشتغل” أصبحت فاقدة لكلّ معنى، وبناءا عليه تدعو الهيئة كل الحقوقيين وكل قوى المجتمع المدني وكل المهتمّين بالشأن العام إلى مطالبة السلطة القائمة بوجوب احترام الحقوق والحرّيات الفرديّة والعامّة، وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة وعدم التدخّل في الملفّات القضائية وفسح المجال لغلق هذا الملف السّياسي وإطلاق سراح القادة السياسيين المعتقلين بلا جريمة، كما تدعو عموم القضاة للتحلّي بالثبات على المبدأ و عدم الإذعان للتهديد و الوعيد و التمسّك بالإستقلالية و بقداسة دورهم في حماية الحقوق و الحرّيات.
هيئة الدّفاع عن القادة السياسيّين المعتقلين