مناظرة مشبوهة

سامي براهم 

لفت انتباهي عَرَضًا مقتطف ممّا يبثّ على إحدى القنوات التونسية الخاصّة من مناظرة أو حوار بين سني وشيعي…

كانت المسألة تتعلّق بسبب عدم صلاة الشيعة وراء إمام سنيّ ومفارقتهم لصلوات الجماعة في مساجد السنة في تونس..

وممّا ورد في جواب ممثّل الشيعة في تونس الذي تحاول بعض القنوات إبرازه كشيخ للطّائفة أنّ المسألة لا علاقة لها بالخلافات الطّائفية أو المذهبيّة ولكن كلّ ما في الأمر أنّ السنّة يصلّون وراء كلّ برّ وفاجر كما في الحديث الذي يروونه عن النبيّ بينما يشترط الشيعة التثبت في عدالة إمامهم لتصحّ صلاتهم ويبطلون الصلاة وراء الأئمّة الفجّار…

واللافت أنّ من انتدبته القناة لتمثيل السنّة في تونس كان يصادق على كلامه دون تعليق حول الحديث وما أثبته العلماء من ضعفه وذكر الأحاديث المقابلة التي تشدّد على اشتراط عدالة الإمام من قبيل “لا يؤمنّكم ذو جرأة في دينه” واستعراض شروط الإمامة في فقه أهل البلد… بل لم يشر حتّى إلى شروط الإمامة في قوانين البلد التي بمقتضاها تنتدب وزارة الشّؤون الدينيّة الإمام… كلّ ما صدر منه إيماءات التصديق والموافقة البلهاء…

أمّا اللطيفة التي أريد طمسها فضلا عن ضعف حديث إطلاق جواز الصلاة وراء الفجّار واشتراط عدالة الإمام عند فقهاء أهل السنّة فهي أنّ أهل السنّة يصلّون وراء المشهود لهم بالفضل ومن عرف عنهم الصّلاح ولكنّهم لا يمتحنون الأئمّة في أعراضهم ولا يفتّشون في ضمائرهم وسيرهم ولا يتعقّبون معاصيهم التي سترها الله عن الخلق ولا يشترطون في المأموم المقبل على الصّلاة أن يتثبّت ويتحقّق من صلاح الإمام وعدالته لتصحّ صلاته عدا من عرف عنه الفسق أو ظاهره الفسق المشهور…

مختصر الإفادة في هذه المناظرة المفبركة أن من يراد له أن يكون ممثّلا لطائفة شيعيّة في تونس يضع صلوات أهل البلد موضع شبهة البطلان لإمكانية أن يؤمّهم الفجّار في مساجدهم لعدم اشتراط العدالة في الإمام وضرورة والتحقّق منها لدى المأمومين في مذهبهم !!!…

والحقيقة غير ذلك إذ عموم الشيعة يعتقدون أنّ كلّ سنيّ ناصبيّ أي مناصب العداء لأهل البيت وفي رقبته شيء من دم الحسين بالتوارث بل هو كافر طالما لا يقرّ بالوصيّة والإمامة والعصمة والغيبة والرجعة التي تعدّ من أصول عقائد الإماميّة التي يتحدّد بها الإيمان والنجاة في الآخرة … لذلك تبطل الصّلاة خلف الإمام السنيّ مهما كان علمه أو عدالته أو فضله أو صلاحه…

غير أن قصد المناظرة الخفيّ تزيين مذهب دخيل وتقبيح مذهب أهل البلد الذي يتعبّد به عموم أبناء الشّعب التّونسي في ظلّ تغييب فقهائه وعلمائه بتواطؤ من القناة المشبوهة والتّشريع لإقامة طائفة موازية للمجموعة الوطنيّة لها مساجدها و فضاءاتها الخاصّة…

Exit mobile version