الأمين البوعزيزي
أحد الأصدقاء سألني على الخاص مستغربا موقفي القائل “الإسلام دين سياسي”؛ متسائلا عن الفرق بيني وجماعات الإسلام السياسي الذي أؤكد دوما تمايزي عنهم!!!
لأهمية سؤاله أجيبه أمام الجميع:
القول كون الإسلام دين سياسي أولا وأخيرا (موقفي المبدئي لا تكتيك سياسي فيه) معناه أن الإسلام مثّل ثورة معرفية تنسحب على مسألة #تدبير العمومي، فاليهودية لم تقطع مع نموذج النبي الملك والمسيحية لم تتدخل في معركة تحرير البشر من نظم عبادة القيصر Roman imperial cult إلا في حدود العقدي ولم تطل الدنيوي.
أعطوا ما لله ما لله وما لقيصر لقيصر: تحرير البشر من عبادة البشر مع عدم التدخل في ظلم القيصر للبشر (رعاياه). حينما وقف السيد المسيح ليحاكم أمام بيلاطس الحاكم الروماني، وسأله بيلاطس: “أنت ملك اليهود؟.. أجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم.
أما الإسلام فقد كان استكمالا لمعركة/مشروع تحرير البشر من ظلم القيصر. قطيعة معرفية وبالتالي سياسية مع نماذج الحكم الإلهي أو الحكم بإسم العناية الإلهية، فالحاكم في الإسلام ولو كان نبيا مأمور بشكل صريح لا تشابه فيه أن احكم بما أنزل الله، أي الاحتكام إلى مرجعية منفصلة عن الحاكم، مرجعية تجعله بخضع للقانون مثله مثل المحكومين (المساواة أمام القانون).
ماذا أنزل الله ليحكم به الحاكم ولو كان النبي نفسه؟:
#العدل والشورى
- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.
- وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ.
الإسلام دين للبشر وليس دينا لله، ولا حقوق لله في الإسلام بل حقوق للبشر، إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ.
وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ.
جوهر الإسلام هو تدبير العمومي بأسلوب عادل وشوري يحتكم للقانون الذي تسري أحكامه على الحاكم والمحكوم. وحتى العبادات هي تربية روحية كي يكون المسلمون مواطنين مقاومين.
وهذا ما يقلق المستبدين فيرفعون شعار فصل الدين عن الدولة تبريرا لاستفرادهم بالبشر، يكفي أنهم يرحبون بالدين مادام مبررا لظلم الحكام أو صامت عليه. هذه هي العلمانية السلبية التي يرفضها الإسلام لأنها لا تحرر البشر من ظلم القيصر.
أما إن كانت العالمانية بيان لتحرير البشر من ظلم القياصرة (باسم عبادة الإمبراطور الإله أو القيصر الحاكم باسم العناية الإلهية) فإن الإسلام يعد المؤسس الحقيقي لدنيوة السياسة (تدبير العمومي شأن بشري /اجتهاد بشري) تتكثف في عبارة #أنتم أدرى بشؤون دنياكم.
هل يعني هذا إبعاد الإسلام كما تطالب علمانية أعطوا لله ما لله وما لقيصر لقيصر #علمانية التطبيع مع القيصر.
إذا كانت العلمانية هي القطع مع الحكم الإلهي والحكم بإسم العناية الإلهية فإن الإسلام هو دين إنهاء الدين، #الإسلام دين علمنة تدبير العمومي (السياسة) بامتياز.
فالاسلام دين منحاز للبشر ولحقوق البشر وليس لله وحقوق الله الغني الحميد فمن يكفر فلنفسه ومن يشكر فلنفسه.
والإسلام دين المجتمع في مراقبة انحراف الحكام وليس دين الدولة لترويع المجتمع.
بهذا المعنى قلت إن #الإسلام دين سياسي؛ دين تدبير العمومي بالعدل والمساواة والشورى وتلك “حقوق الله” بمعنى رفع حقوق البشر في المساواة أمام القانون والعدل والشورى إلى مقام حقوق الله أي رفعها إلى مقام القداسة كي لا يتطاول عليها الحكام.
هل آمنا بالقرآن تدبرا أم اكتفينا بالترتيل الطقوسي السحري. هذا هو السؤال.
هل نحن نتقدم نحو الإسلام أم نرتكس نحو ما جاء الإسلام للقطع معه. هذا هو السؤال.
#لاهوت التحرير المسلم:
تحرير الإسلام من إسلاموية #تهويد الإسلام / النكوص نحو الملك النبي (الوصاية والولاية).
وتحرير للإسلام من علمانوية #تنصير الإسلام / إطلاق يد القيصر للفتك بالبشر بدعوى التحرر من حكم الاله.
✍🏿 #الأمين