الطرقات السيارة في تونس: الجي بي 1.. طريق الحياة

محمد ضيف الله

بالأمس الخميس سلكت الطريق الوطنية عدد 1 المعروفة باسم GP1 بين صفاقس وقابس، وهزتني البهجة وأنا أشقها فعدت اليوم عليها من قابس إلى صفاقس.

بالمقارنة مع الطريق السيارة تبدو GP1 وكأنها قُدّت من أجل المسافرين، كنا نقطعها، نحفظ تعرجاتها ووديانها وجسورها وقراها وبلداتها وحتى طبائع أهلها. العوينات، العكاريت، الهيشة، بوسعيد، الحشيشينة، الصخيرة وخاصة مدينة المحرس. جميعها عامرة بأهلها، بينما تبدو الطريق السيارة قفرا، متعالية على ما حولها، قلما ترى قربها إنسانا أو حيوانا. ولا تحاذيها بلدة ولا توجد بين الجم وقابس استراحة أو محطة بيع بنزين، كانت قرى الجي بي 1، فيما مضى تشهد حركية كبرى، نهارا أو ليلا، سيّان، مقاهي، مساجد، مطاعم متخصصة في المشوي، باعة البنزين الليبي، محلات إصلاح السيارات، عندما مررت بها هذه المرة وجدتها حزينة، نعم لقد خبت تلك الحركية، ومن مظاهر ذلك أن الكثير من الدكاكين المدهونة بالوردي مغلقة، ويبدو أن غلقها كان منذ مدة طويلة. وأنا في مستوى الصخيرة، انتبهت على الطرف الآخر من الطريق إلى رجل، كان يجتهد للفت نظري، حتى أنه وقف على المعبّد، عارضا علي الدخول إلى مطعمه، وهو ما يعكس الأزمة التي عرفتها هذه القرى في صمت ووجع. لقد قضت الطريق السيارة على الكثير من مواطن الشغل بهذه القرى، ولم يكن بإمكان أصحابها أن يحولوا أنشطتهم. وأنا تضامنا مع أولئك الطيبين، ألتزم مستقبلا بأن أسلك نفس الطريق.

في عهد بورقيبة، تم إنجاز 51 كلم بين تونس والحمامات حتى 1986.
بين 1994 و2008: أي في عهد بن علي تم إنجاز 406 كلم، وصلت جنوبا إلى صفاقس، في الطريق السيارة عدد 1، مع الطريق السيارة عدد 2 بين تونس وبنزرت، والطريق السيارة عدد 3 بين تونس وواد الزرقاء.
عشرية الثورة وصلت الطريق السيارة عدد 1 إلى قابس وربطت بين مدنين وبنقردان ورأس جدير التي أعلن المشيشي عن دخولها حيز الاستغلال في مارس 2021، ووصلت على الطريق السيارة عدد 3 إلى بوسالم، بما مجموعه 335 كلم إضافة إلى 85 كلم بدأت الأشغال فيها خلال عشرية الثورة، للربط بين قابس ومدنين. تدشين ماذا؟ أحد إنجازات العشرية السوداء؟

Exit mobile version