الفضيحة
عبد اللطيف علوي
سمعت سنية الدّهماني تقول “هذي فضيحة عمرها ماصارت!” على اعتقال سيف ومحاكمة النّاس مرّتين على نفس التّهمة! وبرشا ناس قالوا نفس الكلام!
لا يا ساده! كلّ ما يحدث طبيعيّ جدّا وعاديّ وما فيه حتّى فضيحة، لأنّه في انسجام كامل مع الواقع الّذي نعيشه منذ الانقلاب، وهو عصر الغابة!
الفضيحة الحقيقيّة حدثت يوم 25 جويلية، يوم قام أحدهم بقراءة فصل من الدّستور مكتوب باللّغة العربيّة الّتي يفهمها أيّ تلميذ في السّنة الخامسة ابتدائيّ، “ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.”
ثمّ قام بإغلاق البرلمان في وجوه النّوّاب وحلّ الحكومة وألغى كلّ مؤسّسات الدّولة، فخرج من مرتزقة القانون أساتذة وقضاة ومحامين وسياسيّين ونخبا فاسدة، من يعتبر ذلك وجهة نظر قابلة للقراءة والتّأويل والنّقاش وليس جريمة دولة كاملة تامّة الأركان!
تلك هي الفضيحة الأصليّة يا بنت عمّي وتلك هي الخطيئة الأولى، وكلّ ما جاء بعد ذلك هو المآل الطّبيعيّ لدولة ذُبِحَ دستورها علنا على حجر بارد وسط التّصفيق والتّهليل والتّزمير!
من سكت عن ذلك أو سانده أو برّره أو حتّى أبدى أيّ قدر من التّفهّم له، فليخرس اليوم وليبلع لسانه حتّى يأتي دوره ويُرمى به إلى وحوش الغابة! أو فليعد إلى نقطة البداية، وليحدّثنا فقط عن هذه الفضيحة! هذه الفضيحة لا سواها! فكلّ ما بعدها هو من توابعها ولا يزول إلاّ بزوالها.
من أجل هذا يراني اليوم زعماء التّوافق والتٌنافق و”البحث عن المشتركات” متطرّفا!
سحقا لاعتدالكم وتسامحكم!