الحرب على الفساد أم الحرب على من يفسدون ملعوب الانقلاب؟!
مصدق الجليدي
أسلوب ملتو لتكميم أفواه المناهضين للانقلاب تستعمله الأجهزة المنصاعة لقائد الانقلاب الذي أعلن إثر الفشل المدوي لانتخاباته غير الشرعية وغير الوطنية، عوض القيام بنقده الذاتي والاعتذار للشعب التونسي عن إضاعة وقته الثمين وأمواله في تجربة فاشلة عبثية، عزمه على البدء في حرب تصفية لمن عملوا على فتح أعين التونسيين على حقيقة الانقلاب وهدمه المنظم لأسس البناء الديمقراطي ودولة القانون والمؤسسات، متجاهلا رؤية الجميع في وضح النهار للمآل الكارثي للتفرد بالحكم ولسوء تدبير حكومة الانقلاب للشأن الاقتصادي والاجتماعي على حياة التونسيين ومعيشتهم اليومية.
الحكم بالسجن على الرئيس منصف المرزوقي، وسجن رئيس الحكومة السابق علي العريض، من بعد إيقاف دام شهرين لعضو البرلمان المنتخب نور الدين البحيري بتهم باطلة مفبركة، وتنفيذ بطاقة إيداع بالسجن لقيادييْ ائتلاف الكرامة الأستاذين سيف الدين مخلوف ومهدي زڤروبة، في ما يعرف بقضية المطار، مع الحكم بالسجن على شباب آخرين من ائتلاف الكرامة، ومن قبلُ مثول البروفسور أبي يعرب المرزوقي للتحقيق لدى فرقة مقاومة الإجرام بسبب فضحه للانقلاب من قبل حتى حدوثه استنادا إلى مؤشراته القوية، ودعوة قيادات جبهة الخلاص الأستاذين نجيب الشابي، ورضا بلحاج ثم الأستاذة شيماء بن عيسى، وكذلك وزير حقوق الإنسان السابق بتونس ورئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية الأستاذ عياشي الهمامي، للتحقيق، والحكم بستة أشهر على بطل مقاومة الفساد رئيس مرصد “رقابة”، عماد الدايمي بسبب فضحه لفساد البيروقراطية النقابية، في ما يشبه المكافأة على مبادرتها لإنقاذ الانقلاب من ورطته، ومسلسل تكميم أفواه الفاضحين للانقلاب وحلفائه المخربين لمكتسبات الشعب التونسي المعنوية والمادية مرشح للتواصل ما دام قوس “التصفية” التي أعلن عنها قيس سعيد لم يُغلق، سواء بحرص منه شخصي، أو بسبب ركوب البعض هذه الموجة انتقاما من خصومهم السياسيين، في تحالف موضوعي مفضوح مع جريمة الانقلاب وتغيير هيئة الدولة وتفكيك مؤسساتها الشرعية والمسك بيد التفرد بالحكم بكل السلطات.
إنني بصفتي جامعيا وكاتبا حرا ومثقفا عضويا وناشطا مدنيا وسياسيا، أؤكد من جديد على إدانتي القوية للانقلاب وأعبر عن رفضي لكل ما ترتب ويترتب عليه من مظالم وخروقات للقانون وأعبر عن مساندتي الكاملة لحق كل التونسيين في التعبير المدني الحر عن آرائهم وأفكارهم في الشأن العام، وأطالب سلطات الأمر الواقع برفع كل هذه المظالم عن الناشطين السياسيين المعتقلين أو الصادرة بشأنهم أحكاما بالسجن، وإيقاف التتبعات بشأن من بقي منهم بحالة سراح، والتوجه بدلا عن ذلك إلى محاسبة أباطرة الفساد حيثما وجدوا عوض التضييق على المناضلين السياسيين الشرفاء.
لا بديل عن الديمقراطية الاجتماعية، والقضاء المستقل، والسيادة الوطنية.
المجد للشهداء، ولا نامت أعين الجبناء.