في ضرورة وجود بديل ديمقراطي وقيادة شعبية
مصدق الجليدي
ثمة مسألة تتعلق بموضوع إنهاء حالة الانقلاب على الشرعية والدستور والديمقراطية تبدو غير واضحة في بعض الأذهان: وهي ضرورة التمييز بين مستويين في الحل: وهما إسقاط الانقلاب من جهة، وإحلال البديل الشرعي الديمقراطي مكانه.
من جهة ثانية. ولئن كان ما تقوم به جبهة الخلاص الوطني يندرج ضمن التمشيين معا، مقاومة وقياما، إلا أن عملها أقرب إلى منطق إعداد البديل منه إلى تحمل مهمة إسقاط الانقلاب. ما قامت به جبهة الخلاص ضمن هذه المهمة الأخيرة هو تكوين أو تكتيل شارع سياسي عريض مناهض للانقلاب. إلا أنه لا قدرة له لوحده على إسقاطه. وحده الشارع الشعبي قادر على القيام بذلك (خارج الدورة المغلقة للانقلابات).
الفائدة الكبرى لجبهة الخلاص ولنواتها الأساسية “مواطنون ومواطنات ضد الانقلاب”، و”المبادرة السياسية” المنفتحة على الأحزاب والفعاليات المدنية الديمقراطية المناهضة للانقلاب، هي صياغة الأرضية السياسية للبديل الديمقراطي الاجتماعي ورسم الأفق السياسي لما بعد سقوط الانقلاب تحت مظلة دستور 27 جانفي 2014، حتى لا يبقى المستقبل مفتوحا على المجهول وعلى الفوضى المدمّرة (انظر مثلا المحاولة الواردة في بيان ممثلين لـ “مواطنين ومواطنات ضد الانقلاب” في أواخر الشهر الماضي) وهو ما يعني من جهة أخرى وجود مشروع قيادة سياسية أو نواة صلبة لقيادة سياسية للتحركات الشعبية المناهضة للانقلاب، تطعّم بقيادات ميدانية من الجهات وبقيادات تنسيقيات جهوية للجبهة، ولكنها تبقى منفتحة على كل القوى الديمقراطية المنظمة والمستقلة التي لها مواقف مبدئية من الانقلاب وثوابت ديمقراطية.
التحالف الخماسي اليساري الذي يتزعمه حمه الهمامي شرع في مستوى بعض مكوناته في تليين موقفه من التعاون مع جبهة الخلاص واقتنع بعض قياداته أخيرا بضرورة توحيد الجهود لإسقاط الانقلاب ولا يوجد من جهة جبهة الخلاص أي مانع من ذلك، بل لم تنفك قيادتها تبذل المساعي لرص الصفوف.
بقي السؤال الآن عن ساعة الصفر لتحرك الشارع الشعبي لتحويل مقاطعته للانتخابات التشريعية الأخيرة إلى واقع سياسي جديد، ما دام قيس سعيد لم يعلن صراحة فشل هذه الانتخابات، وفشله بالتالي في إقناع الشعب بخطته في التغيير، والذي لا يقل أهمية عن هذا كله، ضرورة اعترافه بفشل سياسته في وقف الانهيار المتسارع للوضع الاجتماعي وللقدرة الشرائية للمواطن ولقدرته على الحصول على حاجاته المعيشية الأساسية بسبب فقدانها الحاد في الأسواق، وما يصحب كل ذلك في مسعى خائب للتغطية على هذا الفشل من تضييق على الرموز المناضلة الديمقراطية واستجابة سخيفة لزعيمة الفاشية سليلة النظام البائد لإيقافهم والتحقيق معهم في قضايا مفبركة.