مصدق الجليدي
قال الرئيس قيس سعيد: “تونس تتسع للجميع”.
فما معنى أن تتسع تونس للجميع؟
أولا. المعنى المادي المباشر: أي بما هي أرض مهيئة عمرانيا للسكن البشري: هذا برنامج عمل مستقبلي لحل مشكل السكن للفئات الضعيفة ومتواضعة الدخل، بما في ذلك الموظفون الذين أصبحوا عاجزين عن امتلاك مسكن فردي أو شقة في عمارة يقدر ثمنها بمئات الملايين. فبهذا المعنى ما قاله قيس سعيد ليس معطى بديهيا بالوضع التنموي والاجتماعي الحالي.
ثانيا. المعنى السياسي: هذا القول لا يكون ذا مصداقية إلا بتقبل الاختلاف وبالكف عن ملاحقة المعارضين والرافضين للانقلاب وكل ما تأسس عليه. التونسيون الآن إما رافضون للانقلاب من أساسه وإما رافضون لكيفية استخدامه على الصعيد الاجتماعي وغاضبون من فشله في تحسين أوضاعهم الاجتماعية ومن إمعانه في مفاقمة معاناتهم. وما نعاينه بطريقة شبه يومية هو الزج بالخصوم السياسيين في السجون أو هرسلتهم بالإيقافات للتحقيق معهم في قضايا مفتعلة ووهمية. من مثل توجيه تهمة التستر على تنظيمات إرهابية الموجهة للمناضل الديمقراطي القيدوم نجيب الشابي.
المترجم الواضح لشعار “تونس تتسع للجميع” هو الاستماع للجميع وهذا يعني سياسيا تنظيم حوار وطني يعيد النظر في كامل تمشي انقلاب 25 جويلية وفي الانقلاب نفسه، لكونه أولا مخالفة قانونية جسيمة ترتقي إلى درجة الجريمة، فضلا عن فشله الذريع في الحصول على موافقة الشعب على مخرجاته الدستورية والمؤسسية وفشله الذريع في أن يكون بديلا حقيقيا عن مسار البناء الديمقراطي المتعثر (بسابق ترصد وإضمار من قوى الردة والثورة المضادة، وبفعل سوء تقدير سياسي لمجموع المنخرطين فيه).
طبعا هذا الحوار لم يقع ولن يقع مع الرئيس المنقلب وذلك أولا لكونه لا يكون حوارا حقيقيا إلا على قاعدة الشرعية الدستورية (دستور 27 جانفي 2014) ولكون قيس سعيد لم يوافق عليه ولن يوافق عليه بالقاعدة التي أعلنها بنفسه في خطاب رأس السنة “اتساع تونس للجميع”.
الخلاصة: “تونس تتسع للجميع” كما أعلنها قيس سعيد شعار فارغ لا معنى له وهو موجه للخارج الذي يفترض وهما سذاجته وليس موجها للشعب التونسي بمختلف أطيافه، لا اجتماعيا ولا سياسيا.